سبب تدني الخدمات وعدم رضا 70% من المواطنين على الصحة، وشيوع الأخطاء الطبية وتكرار حدوثها، ليس في الأجهزة والتجهيز ومستوى المستشفيات بل في تسيب الأطباء وعدم التزامهم بالدوام والعيادات وإجراء العمليات في مستشفياتهم الحكومية وانشغالهم عن مرضاهم بالخروج أثناء الدوام الرسمي الحكومي للعمل في مستشفيات خاصة وأهلية!، والدليل أن المشكلة عامة في كل القطاعات الصحية ذات المستشفيات المتطورة وليست في مستشفيات وزارة الصحة فقط. المشكلة أن الأطباء المتعصبين لأنفسهم ممن لا يتحلون بأخلاق ومواثيق شرف المهنة ويمارسون شتى أشكال الفساد المهني، هم أنفسهم من كانوا يرون أن الطبيب هو أساس الرعاية الصحية و(الكل في الكل) ويستهينون بدور غيرهم من الفريق الصحي، لكن عندما نقول بأن سبب تدني الرعاية الصحية هو سوء سلوك ذلك العضو من الفريق الصحي، وهو الطبيب، فإنهم يعترضون!، وعجبا كيف يرضون أن يكون أساسا في النجاح وثانويا في الفشل. على الجانب الآخر فإن الأطباء الناجحين، الملتزمين بأخلاق ومواثيق مهنة الطب، يجمعون على أن ممارسات الجشع الحالية، غير الأخلاقية، لكثير من الأطباء الحكوميين، هي أهم أسباب ما نعانيه من كوارث صحية، والأمثلة كثيرة من هؤلاء الأطباء المثاليين، ولنأخذ منهم مثالا اليوم الطبيب جاسر الحربش وهو طبيب عصامي أدى واجبه الحكومي على الوجه الأكمل وعندما أدى ما عليه حكوميا لم يتحول للقطاع الخاص جزئيا، بل تقاعد وفتح عيادته الخاصة وعمل فيها بما يرضي الله، ويعلق جاسر الحربش على نتيجة الدراسة قائلا كان يفترض أن يتم تقييم الرضا من داخل المؤسسات الصحية أولا وركز على سؤال أعضاء الفريق الصحي وصغار الأطباء عن رضاهم على كبار الأطباء من حيث الالتزام والتواجد وإعطاء التدريب حقه!، وأردف مقترحا أن لا يسمح للقطاع الخاص بخطف الكوادر الطبية إلا بعد أن يدفع للدولة نسبة لا تقل عن نصف الراتب المحدد للطبيب شهريا كبدل تعليم وتدريب واكتساب خبرة وشهرة. اقتراح الدكتور الحربش رائع جدا وينم عن إحساس بما أشرنا إليه من خجل الأطباء الغيورين على المهنة من واقع الجشع المادي المرير لكثير من أطباء اليوم، أما أنا فأقترح أن يعاقب كل من الطبيب الحكومي المخالف والمستشفى الخاص، الذي يشغله بطريقة مخالفة وغير أخلاقية، عقابا مجزيا للطرفين يعادل أضعاف دخل المخالفات مجتمعة، وإذا أراد المستشفى الخاص استقطاب طبيب حكومي متميز فليدفع مهره، ويطلب انتقاله إليه رسميا، ويدفع راتبه كاملا، على أن تستمر عياداته وعملياته في المستشفى الحكومي بمعدل لا يقل عن مرتين أسبوعيا لمدة لا تقل عن زمن الدراسة والابتعاث، وبذلك لا يحرم منه مريض المستشفى الحكومي ولا الخاص وتعوض الحكومة عن إعداده، ولا يحصل عليه التاجر دون عناء وعلى طريقة (باردة مبردة). www.alehaidib.com