في ديسمبر الماضي وخلال مؤتمر مؤسسة الفكر العربي الذي انعقد في مقر جامعة الدول العربية بالقاهرة تحت عنوان «التكامل العربي.. آفاق وتحديات»، شاهدنا وثيقة لاجتماع وصف بالتأريخي انعقد في 28 مايو 1946، بدعوة من الملك فاروق في زهرة أنشاص، حضره الملك عبدالله بن الحسين ملك شرق الأردن والأمير سعود بن عبدالعزيز ولي عهد المملكة العربية السعودية وشكري القوتلي رئيس الجمهورية السورية والرئيس بشارة الخوري رئيس الجمهورية اللبنانية وسيف الإسلام الأمير عبدالله نجل إمام اليمن يحيى حميد الدين والأمير عبدالإله الوصي على عرش العراق، ناقشوا فيه جملة من المواضيع وأكدوا في ختامه أنهم «يغتنمون فرصة اجتماعهم هذا ليبعثوا كإخوة متضامنين متحدين إلى شعوبهم بأطيب التمنيات لرفاهيتهم وسعادتهم ومجدهم، ويعلنون ثقتهم التامة بمستقبل زاهر كريم لائق بماضي العرب المجيد». رحت أتأمل حينذاك القاعة الرئيسية للجامعة وأستعرض كم من الاجتماعات التي شهدتها منذ ذلك التأريخ إلى وقتنا الحاضر على مدى 71 عاما وماذا تحقق من تلك الاجتماعات وأي مستقبل زاهر كريم تحقق ليليق بماضي العرب المجيد كما كان يتطلع المجتمعون آنذاك. استعرضت واقعنا العربي الآن وكيف أصبحنا بعد زمن طويل من الخلافات والتنازع والشعارات الرنانة أمة ضعيفة توشك على الضياع بعد أن أصبحت نهبا لفوضى المؤامرات وساحة للاحتراب بالأصالة والوكالة ومرتعا للمليشيات والعصابات التي تعيث فيها على مرأى ومسمع الجميع. اليوم وبدعوة من المملكة العربية السعودية يفترض أن يعقد اجتماع طارئ للجامعة لبحث الخطر القادم من الضفة الشرقية للخليج العربي الذي لم تتورع إيران عن تبنيه بعد أن زرعت عملاءها في أكثر من دولة عربية لتحويلها إلى محافظات تابعة للولي الفقيه تجسيدا لحلم تأريخي تسعى حثيثا لتحقيقه. لقد ضاعت دول عربية وتحولت أخرى إلى نماذج فاشلة وأمتنا وجامعتنا العربية مشغولة بمماحكاتها وخلافاتها، والآن لم يعد الخطر ضياع دول أخرى بل ضياع الهوية العربية بكل تفاصيلها وضياع تأريخها بكل حمولاته. المشروع الآن طمس كامل للوجود العربي في دياره تنبهت له المملكة وبادرت لمواجهته بكل حزم من أجل التأريخ العربي الذي لن يغفر لهذه المرحلة لو لم تقتص لمحاولات الاعتداء عليه. المملكة تحملت حماية نفسها وحمايته، قاومت وحاربت لصد مشروع توسعي فارسي على الأرض العربية، واليوم لا وقت للمواقف الرمادية، إما أن تكونوا أو لا تكونوا. [email protected]