تابع المجتمع "الجداوي" والسعودي -عموما- بمزيج مختلط من المشاعر، الأسبوع الماضي، حادثة إزالة "تعديات" على أحد الشوارع الرئيسة في قلب جدة الحديثة. لم تكن هذه الإزالة حدثا عابرا إذا ما تناولناها من جوانب عدة، فالحدث -هنا- استثنائي وصاخب: الإزالة في قلب المدينة، استجابة الجهات المعنية كانت سريعة وحاسمة، المجتمع كان يرقب الحدث بعين المسؤول، الصانع للقرار والمنفذ له، كان حاضرا مبكرا، حتى قبل وصول معدات الأمانة، وظل يتفحص الموقع حتى اقتلاع آخر حجر في الطريق وتهيئته للعبور. لم يكن الجميع يرى في إزالة "الرصيف القضية" توسيعا للشارع فحسب، إنما يرون فيه توسيعا للمشاركة الإيجابية في المجتمع، وتأكيدا على حق المواطن في الإسهام بنهضة بلده. تعامل المجتمع مع حادثة التعدي هذه بشكل رقمي خالص، تم تحديد الموقع، تصويره، ومن ثم إطلاق وسم في موقع "تويتر" لمطالبة الجهات المعنية بالتعامل معه، جاءت الاستجابة في الواقع بسرعة مساوية لسرعة صناعة الحدث، وهذا يحسب للتقنية الحديثة التي أتاحت للمجتمع وسيلة سريعة للتعاطي مع الظواهر السلبية المحيطة به. أزيل التعدي -أخيرا-، وهو ب «لغة البلديات» ليس إلا مجموعة من الأحجار المرتصة التي زحفت باتجاه الطريق وأعاقت حركة السير وتم اقتلاعها، كما يحدث في أي مكان آخر، ولكنه بلغة "المجتمع" أكبر من ذلك، فالتعدي لم يكن وليد اللحظة، والمكان أيضاً لم يكن نائيا وبعيدا عن مدى أنظار الأمانة، ثم إن "المواطنين" هم من لفت الأنظار إلى هذه التجاوزات وليست الأمانة التي قامت برصف الطريق أساسا، هذه الثلاثية "المكان والزمان والسبب" ليست كفيلة بأن "نصفق" للأمانة بقدر أن نتساءل: هل ستنتظر الأمانة في كل مرة "هاشتاق" يذكرها بأبجديات عملها؟. فايز الغامدي