في ظل التطور الكبير للقضاء في السنوات الأخيرة تحسنت مكانة المحاماة والمحامين في المجتمع بفضل جهود لجان المحامين بالغرف التجارية وخاصة غرفة جدة ذات الريادة التاريخية التي حققت الأولويات في تطوير المهنة ودعم الزملاء على مستوى الوطن. وشهدت المهنة دخول أعداد كبيرة إليها من قضاة ومستشارين من مختلف الوزارات والهيئات الحكومية المختلفة. وهنا أسأل الزملاء الجدد الذين اشترك بعضهم في مخالفة صريحة بوضع مناصبهم السابقة على كروتهم ومطبوعاتهم ولوحاتهم في خطوة بعيدة عن الرخصة المهنية التي حصلوا عليها بوصفهم محامين وليس أي شيء آخر. وبقدر ما أتحفظ على هذه الخطوة منهم، إلا أنني أضع اللوم الأكبر على الجهات التي سبق لهم الانتماء إليها لأن ذلك يسيء إليها أكثر من أي شيء آخر، حيث يفترض أن يكون هناك حظر مهني على مراجعتهم وتواجدهم في أماكن عملهم السابقة لمدة لا تقل عن خمس سنوات على كل من يخرج منها ليعمل بمهنة المحاماة دعماً واحتراماً للشفافية ومكافحة الفساد والبعد عن الشبهات في أعمال المحاماة والقضاء. ولعلي أسال الزملاء الذين عملوا بالقضاء سابقا، ماذا لو عادوا للقضاء وأمامهم دعوى بأتعاب محامٍ هل سيحكمون بتقديرها على أساس عدد الجلسات أو المذكرات أم الجهد المبذول أو المنفعة التي عادت على الموكل كما يحصل الآن؟ أم من خلال احترام عقد الأتعاب وحقيقة وجود المنفعة والمصلحة للموكل بمجرد أن وكل المحامي أو حتى حصل منه على عرض أتعابه في القضية كما يحصل من البعض؟ وفي جانب آخر هل سيحترمون وجود المحامي كوكيل خاصة في قضايا الأحوال الشخصية والجنائية أم أنهم سيطلبون منه حضور الأصيل؟ وهل سيطلبون من الخصوم الاستعانة بمحام ويحثونهم على ذلك أم العكس؟. والزملاء الذين عملوا في هيئات التحقيق سابقا لو عادوا إليها، هل سيرحبون بوجود المحامي أم انهم سيهمسون للخصوم أو المتهمين بعدم الحاجة لوجود المحامي الذي سيكلف مالاً دون فائدة؟. وهل سيقبل الزملاء الجدد أن يقوم بعض القضاة وكتاب العدل وأساتذة الجامعات والمستشارين في القطاعات الحكومية والخاصة بمخالفة جميع الأنظمة وتقديم الاستشارات والتعامل مع المحامين خارج الدوام وامتهان العمل المهني وتقديم الاستشارات من المنازل أو المكاتب الخاصة بهم دون الحصول على الرخصة. هذه بعض أهم سلبيات ممارسة المهنة التي يجب أن تتصدى لها وزارة العدل وهيئة المحامين وعلى الزملاء الجدد أن يكونوا عوناً لهما، ولعل في تعديل نظام المحاماة ما يرسخ لمكافحة جميع المفاسد التي تشوب المهنة وواقعها الذي تدركه الدولة التي جعلت من رفع مستوى العمل المهني وزيادة وعي المحامين بواجباتهم المهنية الهدف الأساسي لهيئة المحامين.