تبدو قصص الإثارة الإيرانية شبيهة بقصص زعماء مافيا المخدرات في كولومبيا، وفي الحالين لا فرق بينهما، فالقصة الفارسية تحمل الطابع الكولومبي، لكنها مخرجة بطريقة إيرانية، فبطل القصتين دوما في طهران وبوغوتا تاجر قتل وتدمير. القصة الفارسية الحاقدة كان بطلها الذي تفنن في القتل، صاحب اللحية الرمادية الكثة، مهندس الفكر الطائفي الإيراني القميء، ومنظّر التدخل الإيراني في العراقوسوريا قاسم سليماني. صنعت له طهران سيناريوهات عدة لتجعله أهم شخصية فارسية للعام 2015، فسربت معلومات عن إصابته في معارك سورية وأشغلت أجهزة المخابرات العالمية في البحث عن مصير الرجل، وبعد هذا الانشغال بثت طهران شريط فيديو له وهو يتابع سير المعارك في حلب. تستخدم طهران قاسم سليماني قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني كعصا تلوح فيها لكل من يقف في وجه السياسات الإيرانية إلى أن بلغ الأمر إلى وصفه من علي خامنئي بأنه «شهيد الثورة الإيرانية الحي». نفوذه يتجاوز سطلة بشار الأسد في سوريا ويتجاوز سلطة حيدر العبادي في العراق، وفي كلا البلدين يتدخل لزعزعة الأمن والاستقرار كما يصفه جهاز المخابرات الأمريكية المركزية، إلى الحد الذي قال عنه صالح المطلك نائب رئيس الوزراء العراقي المقال إن «كل الأشخاص المهمين في العراق يذهبون لرؤيته، إلى حد أن البغداديين يعتقدون أنه هو الذي يحكم العراق سرا». ينفذ أجندة إيران في المنطقة ويسعى للتسلل من أي خاصرة ضعيفة لأي دولة مستهدفة إيرانيا، سعى جاهدا لاختراق قطاع غزة من بوابة حركة «حماس»، ومن ثم من بوابة «الجهاد الإسلامي» غير أن الأمر لم يتم لأسباب مازالت مجهولة، فأنهى سليماني تحالفات طهران بالحركتين وأدارت إيران ظهرها لهما. ساعد سليماني في الأعوام الثلاثة الأخيرة الأسد على قلب المكاسب التي حققها المقاتلون المعارضون في سوري إلى عكسها بعدما بدا أن النظام السوري على وشك الانهيار، وأمر سليماني بنقل عشرات الآلاف من أفراد «الميليشيات الشيعية» من إيرانوالعراق ولبنان ومن بلدان أخرى عبر الجو إلى سوريا لينشر القتل والتدمير والهلاك.