أعادت المملكة من جديد ملف التعامل مع الإرهاب بجدية وحزم، بشكل أذهل العالم، فها هي أنجزت تشكيل التحالف العسكري الإسلامي أو ما يمكن تسميته ب «ناتو إسلامي»، تولى الأمير محمد بن سلمان ولي ولي العهد شرح إستراتيجيته المحكمة التفاصيل بمشاركة الدول حسب قدراتها وإمكاناتها في التحالف. وبقراءة أولية لتفاصيل التحالف العسكري الإسلامي، فإن المملكة حققت بتشكيله ما عجزت عنه عدد من التكتلات. واللافت الأبرز في هذا التحالف، كما أعلنه ولي ولي العهد، أن مهمته تختلف عن مهمة تحالف اليمن، وأنه سيحارب الإرهاب عسكريا وفكريا وإعلاميا، ولا تقتصر مهامه على محاربة التنظيم الإرهابي الأبرز «داعش»، بل ستمتد يده إلى كل من يحاول اقتراف فعل الإرهاب. الآن فقط يمكن للأمتين العربية والإسلامية، ليس فقط الاحتفال على نحو لافت بما أنجزته لها المملكة من وجود قوة إسلامية مشتركة لمواجهة التهديدات الإرهابية التي تحاصر دول المنطقة كلها وتهدد استقرارها، بل التحرك في محيط إسلامي لمواجهة الإرهاب سواء عبر تمدد «داعش» في كل الاتجاهات أو في أي مكان يوجد به إرهاب. الرياض قالت كلمتها الآن، وأعلنت الرياض مقرا لغرفة عمليات التحالف العسكري الإسلامي، وهي كلمة مختلفة تماما، فتجربة التحالفات العسكرية ضد الجماعات الإرهابية أثبتت أنها تخلو من الخطط والإستراتيجيات، ولذلك بقيت عاجزة عن تحقيق الأهداف المطلوبة، لأن الانتصار على الإرهاب لا يمكن أن يتم بالضربات الجوية وحدها. من هنا استفادت المملكة من الأخطاء الدولية التي وقعت في التحالفات العسكرية واستخلصت المفيد منها وقدمت التحالف العسكري الإسلامي برؤية مختلفة وإستراتيجة عمل لافتة، عسكريا وأمنيا وفكريا وسياسيا وإعلاميا، لأن القاعدة في العمل العسكري تؤكد عدم تحقيق النصر بالضربات الجوية وحدها. «ناتو» إسلامي أعلنته المملكة دون أي ضجيج بعد عمل معقد زاوجت فيه كل العناصر التي أغفلتها التحالفات العربية، لأن الرياض تدرك دائما أن هناك حاجة لتبني مقاربات سياسية وفرضها على الواقع بالقوة إذا لزم الأمر، خصوصا إذا تعلق الأمر بالأمن القومي العربي والإسلامي.