لم يكد يجف حبر نظام العمل المعدل المشتمل على المادة السابعة والسبعين، التي تجيز فصل أي موظف في القطاع الخاص لأي سبب من الأسباب دون أن يكون له حق في العودة حتى لو كان الفصل تعسفيا، والاكتفاء بتعويضه عن فترة عمله السابقة نصف راتب شهر عن كل عام ولا شيء غير ذلك. لم يكد يجف حبر النظام المعدل حتى بدأت عمليات فصل الموظفين في القطاع الخاص لا تبقي ولا تذر!، لدرجة أن شركة كبرى وجهت ثلاثة آلاف خطاب إنذار يعقبه التسريح من العمل بعد فترة الإنذار وهي شهران لثلاثة آلاف مواطن من الشركة، حيث نشرت «عكاظ» في عددها الصادر يوم الاثنين 25/2/1437 تفاصيل عملية التسريح الجماعية، وأنها شملت مئات من الموظفين من ذوي الكفاءات ومن الكوادر الوطنية المدربة، وذلك عملا بالمادة السابعة والسبعين سيئة الذكر! لقد سبق لي التحذير من هذه المادة وأنها سوف تستغل أسوأ استغلال من قبل بعض أرباب العمل في القطاع الخاص الذين ظلوا يقاومون «السعودة» مقاومة شديدة حتى فرضت عليهم عن طريق نظام «نطاقات» فأخذوا يتململون ويتحينون الفرص للتخلص من أي موظف يستطيعون إقامة الحجة عليه بأنه مهمل في عمله، وحتى عندما كان يثبت أن الفصل تعسفي ويقرر قضاة لجان العمل إعادته لعمله فإن جهة عمله تستأنف وتقاوم القرار فتنجح في إجهاضه في أغلب الأحيان مقابل مضاعفة التعويض للعامل المفصول تعسفيا، فجاءت المادة السابعة والسبعون لتريح تلك النوعية من أرباب العمل حتى رأينا شركة واحدة تفصل بجرة قلم ثلاثة آلاف مواطن ببركات المادة «77» المشار إليها آنفا ! وعلى أية حال فإننا سوف نسمع ونقرأ أن المستهدفين بالفصل هم غير الجادين في العمل وأن عملية التخلص من العمالة الزائدة تحصل في كل مكان في العالم وكل ذلك له ما يفنده وقد أعود إليه مستقبلا، ولكن المؤسف حقا أن المادة السابعة والسبعين من النظام المعدل قد جاءت لتنسف جهودا وطنية كبيرة بذلت في مجال السعودة، وسوف تفاقم من نسبة البطالة وما ينتج عنها من مآس اجتماعية وانحرافات خلقية ومخاطر أمنية لا تخفى على ذي لب!