حماية للأسرة السعودية من تعسف الأنظمة واللوائح التي قد تغفل عن فهم ما يواجهه رب الأسرة من صعاب في توفير السكن، من المهم أن نتأمل العديد من القضايا الملازمه لانعكاسات قرار مجلس الوزراء السعودي الصادر أمس بشأن تنظيم رسوم الأراضي البيضاء المعدة للاستخدام السكني أو السكني التجاري الواقعة داخل النطاق العمراني. من تلك الجوانب، أن من يملكون الأراضي والتي لم يظهر الحد الأدنى للمساحة أو عددها للفرد أو أبنائه، سيضطرون للهروب من هذه الرسوم إلى الإسراع في عمل كل ما يوقف هذا السيل الجديد من الأعباء، منها استخراج رخص بناء على أراضيهم المستهدفه بالرسوم، التعاقد مع مقاولين بائسين من حيث: مستوى، خبرة، وجودة. وذلك لعمل محلات في الشوارع التجارية أو فلل سكنية متدنية المستوى، مثيرة للشفقة وملوثة للبيئة البصرية. ومن المتوقع في الحال ذاته ارتفاع أسعار مواد البناء، صعوبة وجود عمالة في السوق تغطي الطلب الكبير على تلك الخدمات، البدء في ابتكار حيل للتهرب من تلك الرسوم. كل ما سبق سيكون سيناريو حقيقيا وواقعيا ما لم تضطر اللوائح إلى تخفيف الخناق على الملاك، بما يحقق الهدف السامي منها وهو توفير السكن وتخفيض أسعار الأراضي والوحدات السكنية في السعودية. الإيجابي في المسألة أن تكون لتلك الرسوم الدور في أن تضيف الدولة إلى قائمة نجاحاتها القضاء على مشكلة الإسكان المؤرقة في زمن محدد، فالمشكلة ليست في توفر المنتج الجاهز فقط للشباب بل في تمويله أيضا. لشح الوظائف أو عدم توفر متطلبات التمويل المعتمدة لدى الجهات الممولة. أيضا يجب أن ننتبه إلى أمور أساسية، وهي أن المستهدف من كل ما حدث هم الشباب والآباء الذين لم تسعفهم الحياة في جمع 30 في المائة مقدم فيلا أو شقة، أو ممن لم يتمكنوا من توفير قيمة السكن، فتصبح المليارات المتوقع رصدها في حساب الرسوم كفيلة بحل مشكلة جزء من الشعب وهم الشريحة الأكثر احتياجا. في المقابل قد يكون هناك -وهم كثر- أسر تملك أرضا فقط وليست معدة للتجارة وتنتظر الفرج من الله كي تجمع ما يكفيها لبدء البناء تدريجيا، ومع عدم توفر ما يكفي للبدء بالعمل في المقاولة مع ارتفاع تكاليف المعيشة، يفاجأ رب الأسرة بأن بندا جديدا أضيف إليه هو رسوم لتلك الأرض، أليس من المنطقي معالجة مثل تلك الحالات؟ نحن واثقون بأن عين الحكومة مع المواطن بكل الأحوال وليست ضده، ولا تريد إضافة عبء، لكن إغلاق باب التلاعب باشتمال الجميع بتلك الرسوم سيكون بلا شك مقيدا لأسر كثيرة ما لم نجد الحل من خلال اللوائح المرتقبة. وأتمنى من الله العلي القدير، أن يوفق القائمين على مشروع اللوائح بحيث يتمكنوا من إغلاق الباب على المتلاعبين، فمثلما أن هناك حالات يسعون للتنصل من أداء واجب الزكاة الشرعية المقر من الرب جل جلاله، فكيف نتأكد ألا يقوموا بالشيء نفسه مع رسوم الأراضي؟ هنا يفترض التنبيه. الأمر الملفت أن المقصود بالقرار هم أصحاب الأراضي التي داخل النطاق العمراني، والموصوفة بوضوح لدى أنظمة وزارة الشؤون البلدية والقروية المتعمدة؛ لهذا فلن يشمل -حسب فهمنا- ملايين الأمتار التي تلتف خارج النطاق العمراني للمدن، وهي مساحات ضخمة جدا أي موقع منها كفيل بالطبع لحل مشكلة كل مدينة بحد ذاتها. وهي التي تستحق أن يتحصل منها الرسم، بدلا من مساحة في أطراف المدينة عيبها الوحيد أنها داخل النطاق. * خبير في التطوير العقاري