لم تدخر الدولة وسعا في مواجهة أزمة الإسكان التي تفاقمت في السنوات الأخيرة لأسباب متعددة من أبرزها ارتفاع أسعار الأراضي والإيجارات، وتوجت الدولة جهودها بتوجيه مجلس الشورى لحسم ملف الرسوم على الأراضي البيضاء وآليات تطبيق القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء الموقر، في خطوة جادة منها بهدف تحرير ملايين الأمتار داخل النطاق العمراني لتسريع البناء عليها، ولا شك أنه يمكن الاستفادة من الرسوم التي سيتم تحصيلها فيما بعد عن الأراضى التي لن يتم البناء عليها في تمويل خطط تطوير الأراضي التي تم الحصول عليها من وزارة البلديات للبناء عليها وتقدر بأكثر من 100مليون م2 بمختلف المناطق. والواقع أن هذه الخطوة تأتي استكمالا للجهود التي تبذلها الدولة منذ سنوات في هذا الصدد، ومنها إصدار أنظمة الرهن والتمويل العقاري التي أحدثت طفرة جيدة في حجم تمويل البنوك للأنشطة العقارية للأفراد والمؤسسات، وذلك على الرغم من قرار سداد ال 30% من قيمة العقار للتأكد من الملاءة المالية للمستفيد وقدرته على السداد فيما بعد. كما لم تدخر الدولة وسعا في رفع رأس مال الصندوق العقاري إلى أكثر من 190 مليار ريال من أجل مواجهة طوابير الانتظار التي تبلغ 600 ألف على قوائم الانتظار حاليا، وفيما تم رفع قيمة القرض العقاري إلى 500 ألف ريال، تمت الموافقة على القرض المعجل، من أجل تقليص فترات الانتظار والاستفادة من الفارق الزمنى لشراء العقار بسعر منخفض مقابل سداد الفائدة بعد القرض، وعلى الرغم مما يقال عن مخاطر القرض المعجل فيما يتعلق بحجم الفائدة عليه، إلا أن فائدته ستكون مباشرة في تخليص المستأجر سريعا من نيران الإيجارات التي تلتهم 20% من الرواتب على أقل تقدير حاليا، لقد بات من المؤلم الاستماع إلى أرقام فلكية للإيجارات في أحياء شعبية بمدينة جدة على سبيل المثال، وكأننا ننافس المدن الأوروبية، الأمر الذي يستدعي بكل صدق التحرك لإحداث التوازن في السوق، وإذا كنا لا نعاني ندرة في المال ولا في الأراضى، وجب علينا البحث لعل الأزمة تكون في الإدارة وعدم اتخاذ القرار السريع في إغضاب المنتفعين من بقاء الوضع كما هو عليه.