تمثل هذه الباقة القصصيَّة القصيرة (جريمة معلقة) للكاتبة فاطمة آل عمرو نموذجا حقيقيا لبعض الجرائم، في حياتنا المعاصرة، بتفاصيل مختصرة؛ تنسجم مع حجم القصَّة القصيرة، بعيدا عن الخوض في الجزئيات الكثيرة المعتادة للقصة؛ حيث عمدت المؤلِّفة، إلى لفت انتباه المجتمع وبذكاء إلى أهميَّة الكتابة، في مجال القصَّة البوليسيَّة، طالما أنَّ الجريمة أصبحت جزءًا من عالمنا لا يمكن إغفاله؛ ليكون لها قصبُ السبق، في وضع اللبنة الأولى في بناء القصَّة البوليسيَّة السعوديَّة؛ فاتحة بذلك الباب على مصراعيه، أمام أجيال كتَّاب سبقوها في مجال الكتابة عموما؛ ليحذُوا حذوها، باسطة الفكرة أمام أبناء وبنات جيلها، ليكملوا معها مسيرة التحليق بشغف في عالم مثير غامض، سعيا وراء العدالة المنشودة، ولقد تطرَّقت الكاتبة آل عمرو، في مجموعتها القصصيَّة القصيرة هذه، وبجرأة إلى مجال الجريمة الإلكترونية، كونها الجريمة المعاصرة الأكثر حداثة؛ تجسيدا منها لحقيقة ما يجري على الأرض، بنهايات مفتوحة، لتترك لمخيلة القارئ مساحة اختيار تلك النهايات؛ بعيدا عن النهايات التقليدية، وهذا على مستوى الموضوع؛ بشخصيات امتازت بالواقعية وقوة الحضور تارة، كما هو الحال في قصة (نقطة محرَّمة) وبالبساطة والشفافية تارة أخرى، كما في قصة (جريمة معلَّقة) مع قلَّةٍ بعدد الشخصيات، في القصَّة الواحدة، ويُلاحظ، انعدام التركيز على الشخصيات الرئيسة في جميع قصص المجموعة تقريبا؛ وربما يعود السبب هنا إلى قصر حجم القصة الواحدة، الذي منحها إيقاعا سريعا ورشيقا، وقد ابتعدت الكاتبة في سردها، عن رسم ملامح الشخصيات ورصد انفعالاتها، إلاَّ ما قلَّ وندر، وكذلك عن وصف الأماكن التي وقعت فيها الأحداث، معتمدة في ذلك على الحدث وحده، في خلق الإثارة والتشويق، الأمر الذي أعطى السرد هشاشة، ووسم الأداء القصصي بالفجاجة والمباشرة، وربما دلَّ أحيانا على قلة التمكن من الكتابة القصصيَّة، وأثر سلبا على الجو العام للقصَّة وقلَّل من قوة الإثارة والتشويق فيها، كما غلب الحوار في هذه المجموعة وبشكل كبير على السرد؛ عدا قصة ( الرَّاهب) التي بدت أكثر توازنا حيث تعادلت الجمل الحوارية فيها مع جمل السرد؛ وليس لقصر حجم القصة هنا علاقة، بوجود الوصف للشخصيات، الأمكنة، الانفعالات، الأجواء المختلفة، أو بعدم وجوده، فحتى وإن كانت القصَّة قصيرة، يجب ألا تخلو من سرد يساهم في نسج خيوط الحدث؛ أمَّا لغة المجموعة، فكانت لغة سلسة سهلة، تنوعت بين الفصحى المبسَّطة واللهجات المحليَّة العربيَّة؛ ومهما يكن من أمر، فإنَّ هذه المجموعة قد رسمت إشارة استفهام عريضة مفادُها؛ هل استطاعت القصَّة القصيرة لدى الكاتبة آل عمرو، استيعاب عالم الجريمة بأحداثة ومفاجآته؟!