في العاصمة النمساوية فيينا لم يكن الوقت طويلا أمام وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف للمناورة والمجادلة، ففيينا هذه المرة لم تكن ليالي أنس ولا ليالي سمر، والمفاوضات التي عقدت هناك والمتعلقة بالأزمة السورية لم تشبه المفاوضات التي عقدت حول الملف النووي الإيراني. فالأولى أشبه بسباق المئة متر والثانية كانت سباقا ماراثونيا. الوزير ظريف في فيينا لم تسعفه ابتسامته الصفراء ولا ظرافة تعليقاته، فقد كان ملزما بإبداء صوابية دعوة بلاده ومشاركته في اجتماع لحل أزمة يتحمل نظامه الجزء الأكبر من دمائها وويلاتها، كان ملزما بأن يظهر أن نظامه مقتنع أن مشروعه المذهبي في سوريا انهزم وأن معاركه الخاسرة كان آخرها في الزبداني. ظريف في فيينا تخلى عن ظرافته غير المحببة وكان مضطرا أن يقفز مباشرة إلى خير الكلام أي ما قل ويفيد، والتسليم بأن لا مكان لبشار الأسد في مستقبل سوريا. ظريف كان مطالبا في فيينا بجملة واحدة تحمل خبرا واحدا، كان مطالبا بالحفاظ على ابتسامته وهو يطلب الكلام ليقول: «نحن في طهران مستعدون لاستقبال بشار وعائلته». عبارة وحدها كفيلة أن تثبت حسن نية النظام الإيراني ورغبته في فتح صفحة جديدة مع الشعوب العربية وبخاصة الشعب السوري. إيران وبعد كل ما اقترفته من آثام وجرائم في الدول العربية من سوريا إلى العراق ولبنان واليمن والبحرين والكويت وغيرها.. مطالبة بفعل الندامة لعلها تعيد الأمل بعلاقة سوية مع الجيران. ظريف بعد فيينا هل هو قادر على تلاوة فعل التوبة؟! إن غدا لناظره قريب.