مع تباشير الانتخابات البلدية المرتقبة، واقتراب أوانها، بدا أكثر وضوحا اتساع الهوة بين الممكن والمعقول في عقول قطاع واسع من الشباب لم تشدهم الحملات ودعوات المشاركة، إذ تبين أن أغلبهم يتعاطون مع الانتخابات كأمر مسلم به يجري بعيدا عنهم، وكأن الأمر مخصص لغيرهم. إذ كشفت جولات ميدانية عن جهل الكثير منهم بمعطيات المجالس واختصاصاتها وحدود مسؤولياتها. وعزا المتحدثون ذلك إلى ما أطلقوا عليه استئثار النخبة بالانتخابات وثمراتها وآلياتها فضلا عن تقليدية عوامل الجذب إلى صناديق الاقتراع داعين في ذات الوقت إلى وضع محفزات موضوعية للشباب تعينهم على المشاركة وخوض التجربة لأول مرة. مشيرين إلى أن تجربتي الدورتين الفائتتين لم يتح لهم فيهما فرصة الانفعال بالمجالس البلدية وأنشطتها وآلياتها. صورة أشبه بالدراما، أقرب للمفارقة كشفتها عينة عشوائية حين ألقت «عكاظ» بحزمة أسئلة عن المجلس البلدي واختصاصاته وحدود صلاحياته على عينة عشوائية من الشباب لم يزد عددهم على عشرة.. فكرة الاستطلاع استهدفت استيعاب مفاهيم الشباب عن دور المجالس والغوص في أسباب عزوفهم عن أنشطتها والوصول إلى فهم مشترك للمشاركة. الأسئلة الإيحائية السريعة تمحورت في التالي: من هو رئيس المجلس البلدي؟ ما هي مهامه؟ أين يقع مقره؟ أذكر اثنين من أعضاء المجلس البلدي؟ مفاجأة ومفارقة المفاجأة والمفارقة العجيبة أن جميع أفراد العينة التي اختارتها «عكاظ» تبين عدم علمها أو قل جهلها بكثير من المعلومات الأولية عن المجالس ودورها، ربما يعود ذلك إلى عدم تفاعلهم مع نشاط المجلس في الأعوام الماضية وعدم استيعابهم لحقيقة دورها.. واعتقاد أغلب المستطلعين أن الأمر لا يهمهم من بعيد أو قريب وقد اتفق المشاركون على ضرورة اتخاذ مناهج فاعلة للتعريف بمهام المجلس وحدود صلاحياته واعتبار الحملات الإعلانية المروجة للمجلس في الفترة السابقة مجرد كلام في الهواء -كما عبر أحدهم. فالمأمول -كما يقول- ضرورة التعريف والتثقيف بدور المجلس وأهمية المشاركة وتحفير المتساهلين في التوغل إلى هذا النشاط الأهلي الكبير مع وعد بفتح صفحة جديدة في الانتخابات المرتقبة بعدما تبين أن فئة واسعة من الشباب لم تتفاعل مطلقا مع المجالس وانتخاباتها مع الوضع في الاعتبار أن الشباب يشكلون شرائح واسعة ومقدرة في المجتمع ما يشير إلى أن قطاعات واسعة لا تتفاعل مع المجلس ما يعني تعطيل محرك كبير في المجتمع. يقول سعيد ناصر: الفئة الأعم من الشباب تجهل دور المجلس البلدي، وأبرز المهام التي يؤديها.. ولأن الشريحة الأوسع من المجتمع هي من فئة الشباب، فلا بد من تثقيف الشباب بدور المجالس البلدية، ليكون لهم حضور أكبر في الانتخابات المرتقبة ويتفق معه في ذات الرأي الشاب محمد ميموني ويخلص إلى القول: لا شك أن هناك نقصا معرفيا كبيرا لدى الشباب عن دور المجالس البلدية، ومدى أهميتها في الارتقاء بالمنظومة الخدمية المقدمة للمواطن، وللخروج من هذا المأزق لابد من تثقيف الشباب بدور المجلس، وتعريفهم بمهامه وصلاحياته كي يسهم المجلس في التفاعل مع الشباب، وتفاعل الجيل الجديد معه. على ذات النسق تحدث حاشد المعمري وفارس المعمري عن أهمية دور الإعلام في الجوانب التثقيفية والتعريفية بالانتخابات وجدواها، وعلى أهمية وصول المجلس إلى الشباب عبر الطرق والوسائل المناسبة لهم بعيدا عن الوسائل الكلاسيكية المعلبة، بحيث تقدم الوسائل الإعلامية المختلفة للشباب المعلومات التي تهمهم وتشرح لهم مهام المجلس وأدواره وجدواه وضرورات مشاركتهم في فاعلياته وأنشطته، فالدور الذي ينبغي أن يضطلع به الشباب في الانتخابات البلدية المرتقبة كبير ومهم وعلى تلك الوسائل أن تشرح للشباب الفوائد والثمرات التي سيجنيها الشباب من المشاركة في الانتخابات وإقناعهم بجدواها وثمراتها. شحذ الهمم من جهته يذكر علي فهد أن هناك نقصا معرفيا واضحا لدى الشباب عن الوظائف والمهام التي يؤديها المجلس البلدي، ولا بد من الاقتراب أكثر من هذه الفئة الهامة والمقدرة، والوصول إليها، لضمان حضورها، ومشاركتها الفعالة. إلى ذلك توقع عبدالله الغامدي أن أغلب الشباب في جدة على سبيل المثال ليست لديهم معرفة كافية بدور المجلس البلدي، وعلى ذلك لا بد من تكثيف الحملات الإعلامية الجاذبة وشحذ همم الشباب للمشاركة وتحفيزهم بالوسائل الحديثة عبر مواقع التواصل ومناهج التقنية الجديدة التي باتت جزءا من وجدان وحياة الشباب. الاكتفاء بالصمت وليد بامفلح يرى أن هناك نقصا معرفيا لدى الشباب بدور المجلس البلدي، والمهام التي يجب أن يضطع به، وبخلاف تبصير الشباب بذلك فإن الحديث عن المجلس البلدي وثمراته لن يفيد والمطلوب النزول ببرامج المجلس إلى مجالس الشباب ومنتدياتهم ومواقع تجمعاتهم وتبسيطها والابتعاد عن التعقيدات في طرح البرامج والاعتماد على السرعة والجاذبية في طرح الوعود والبرامج الانتخابية وهي وسائل محفزة للشباب. ويدعو بامفلح جميع فئات المجتمع بضرورة التفاعل مع المرحلة الجديدة على أن تعمل الجهات المختصة تمليك الحقائق لهم وتشجيعهم للمشاركة الفاعلة وعدم الاكتفاء بالصمت. يتفق كل من خالد الحازمي وغسان الرفاعي مع الرأي السابق في أهمية مشاركة الشباب في انتخابات المجالس البلدية وتثقيفهم بأدوارها واختصاصاتها وحدود مسؤولياتها ليكون لهم حضور أكثر مستقبلا، وضمان مشاركتهم على نحو أفضل.