تنسج محطة أمواج الخليج في حي الجامعة بأبها قرب محطة النقل الجماعي، الكثير من الحكايات والقصص على طرقات المملكة السريعة، أبطالها عدد من السائقين «المخضرمين» والشباب، الذين يعملون على نقل المسافرين، وهم من يعرفون اصطلاحا ب«الكدادة». هؤلاء الباحثون عن رزقهم ورزق عوائلهم من رحلات الأسفار، يمثلون فئات وأعمارا مختلفة، منهم خريجو الثانوية أو الجامعة، ومنهم متقاعدون، يطاردون رزقهم ولقمة عيشهم في الخطوط الطويلة، وسط المخاطر والألم والإرهاق. ويلوح صغيرهم أو كبيرهم بيديه يمينا ويسارا، وسيسألونك لو مررت بجانبهم: (جدة، الرياض، بيشة، جازان... إلخ). الانتظار لديهم قد يستغرق ساعات طويلة، كل ذلك من أجل الحصول على لقمة العيش الكريمة. و«الكداد» مصطلح شعبي، اشتق من الكد على السيارة طلبا للرزق، والبعض يعرفها بمهنة من لا مهنة له. «عكاظ» التقت بعدد منهم في مدينة أبها، حيث استمعت إليهم، ولمعاناتهم ومطالبهم وشاركتهم همومهم. صعوبة الحياة ل«متقاعد» في البداية، أوضح العم خالد عبدالخالق عسيري أن صعوبة الحياة دفعته للعمل على سيارته، مشيرا إلى أنه متقاعد براتب ضئيل لا يكفي لأسرته المكونة من ثمانية أشخاص، في ظل ارتفاع الأسعار والالتزامات الأخرى، كفواتير الكهرباء وإيجار المنزل، وغيرها من الاحتياجات. وذكر العم عسيري أنه لجأ إلى هذه المهنة، متحملا مصاعبها وأتعابها لتوفير رزق حلال يسد حاجته وحاجة أسرته، مؤكدا رضاه بما قسمه الله له. بديل الوظيفة ل«شاب» وبعد ما قاله المتقاعد، جاء الشاب محمد عسيري ليؤكد أنه يعمل في مهنة الكدادة منذ تخرجه من الثانوية العام الماضي. وقال: «بعد أن باءت كل محاولاتي بالفشل من أجل الحصول على وظيفة مناسبة، على الرغم من طرق أبواب عدة، لم أجد غير اتخاذ مجال نقل الركاب كعمل مؤقت، ريثما يرزقني الله بوظيفة حكومية، تمهيدا لتأسيس حياة زوجية وأسرة». قصص يشيب لها الرأس وذكر أحمد الشهراني أنه بدأ مهنة «الكدادة» منذ أكثر من خمس سنوات، وكانت البداية من خلال مشاوير داخل مدينتي أبها وخميس مشيط، والتي تعتبر من أرخص المشاوير من خلال أسعار الكدادة في المملكة بشكل عام، مشيرا إلى أنه بعد ذلك تطورت لديه هذه المهنة، وأصبح يوصل الركاب إلى أماكن بعيدة من وإلى منطقة عسير. وبين الشهراني أنهم يواجهون من المتاعب ما الله به عليم، وقال: «بعض القصص يشيب لها الرأس»، موضحا أن من أبرز المشكلات التي يعاني منها إركاب أشخاص لا يحملون هويات وأوراقا ثبوتية، أو البعض الآخر ممن لا يدفعون إليه مقابل التوصيل، وأضاف أنه مع ذلك يتكبد عناء السفر والانقطاع عن الأهل والمخالفات المرورية، التي أصبحت هاجسا بالنسبة للسائقين جميعا، مبينا أن ما دفعهم إلى ذلك، هو توفير لقمة العيش وتأمين مستقبل الأبناء ليعيشوا حياة سعيدة. «كداد» جديد أما بخصوص الشاب سعيد بن ظافر، فقد التحق بركب «الكدادة» منذ أربعة أشهر، وذلك بعد تخرجه من الثانوية، مشيرا إلى أنه بحث عن وظيفة تؤمن الرزق له ولإخوانه، إلا أنه لم يجدها، معربا عن أمله في الحصول على وظيفة يقتات منها وأسرته، ويساعد والده الكبير في السن، الذي أنهكته الأمراض.