شيعت جموع غفيرة عصر أمس، عضو مؤسسة «عكاظ» للصحافة والنشر، ورئيس التحرير الأسبق، عبدالله أحمد قاسم الداري، إلى مقبرة المعلاة، بعد أديت الصلاة عليه في المسجد الحرام، وكان الفقيد انتقل إلى رحمة الله تعالى فجر أمس، عن عمر ناهز 80 عاما، قضى جزءا كبيرا منها في خدمة الإعلام والإعلاميين. وحفلت حياة الراحل بالعديد من المحطات المهمة، إذ خرج للدنيا في مكةالمكرمة عام 1354ه، ودرس تعليمه الأساسي والثانوي في دار العلوم الدينية بمكةالمكرمة، ثم حصل على الشهادة الجامعية من جامعة الملك عبدالعزيز بجدة كلية الآداب قسم التاريخ، وهو زوج الفنانة التشكيلية فوزية عبداللطيف، ووالد كل من أحمد وأريج ورابعة. ويتقبل ذووه العزاء بدءا من اليوم في جدة، حي المروة، شارع المزجاجي، خلف أسواق النجمة، أو على جوال ابنه أحمد (0544401098). كان الفقيد شغوفا بالعمل الصحفي منذ باكورة شبابه، فقد أصدر وهو في المرحلة الثانوية صحيفة مدرسية تحت اسم «صوت الدار»، صدر منها أربعة أعداد، وكان رئيس تحريرها ويكتب الافتتاحية والأخبار والتعليقات، أرسل إلى عبدالله عريف رئيس تحرير جريدة البلاد آنذاك نسخة منها وأثنى عليها كثيرا، وتمنى لرئيس تحريرها الفتى مستقبلا صحفيا باهرا، وتحققت تلك الأمنية. تدرج في العديد من المناصب الصحفية، مصحح في صحيفة البلاد عام 1372ه، سكرتير تحرير في جريدة حراء، محرر في مجلة قريش الأسبوعية، محرر في جريدة الندوة، محرر بجريدة البلاد عام 1378ه، وبدأ في صحيفة «عكاظ» محررا، ثم سكرتيرا تحرير مع محمود عارف، ثم مدير تحرير مع عبدالله خياط، ثم تولى رئاسة التحرير وقد مكث ب «عكاظ» حوالى 12 سنة (1384-1396ه)، ثم انتقل إلى إدارة الصحافة والنشر برابطة العالم الإسلامي في وظيفة مدير إدارة الصحافة والنشر، ومدير تحرير جريدة أخبار العالم الإسلامي ثم رئيس تحريرها، ثم انتقل إلى مجلة رابطة العالم الإسلامي ورأس تحريرها. ويحمل الإنتاج الفكري والأدبي للفقيد الكثير من الكتب القيمة، إضافة إلى المقالات في الصحف والمجلات المختلفة، فضلا عن حصوله على العديد من الأوسمة وشهادات التقدير من جهات وهيئات عالمية. وأبدى عدد من المسؤولين والإعلاميين حزنهم العميق لرحيل الداري، معددين كثيرا من مناقبه وصفاته الحميدة، سائلين الله أن يتغمده بواسع رحمته ويسكنه فسيح جناته، ويلهم ذويه الصبر وحسن العزاء. وذكر وزير الإعلام السابق الدكتور عبدالعزيز خوجه أن الراحل من الرواد الأوائل في الصحافة، خدم دينه ووطنه بكل إخلاص واقتدار، وأسهم في نشر الصحافة والإعلام بمهنية، مشيرا إلى أن للداري -رحمه الله- الفضل في تطوير الإعلام من خلال مجال الصحافة، وكان قامة من قامات الإعلام. وبين أن معرفته بالداري بدأت حين كان عميدا لكلية التربية في مكةالمكرمة، مستذكرا كثيرا من المواقف الإنسانية التي عاشه معه. واستهل الكاتب عبدالله عمر خياط حديثه عن الفقيد بالقول: إذا كان من بين جيلنا من هو عصامي فلا أحد غير عبدالله الداري، فقد كان يعول والدته وإخوته وأخيه، وليس له من دخل سوى راتب كاتب بإدارة البريد في مكةالمكرمة، وراتب مصحح من البلاد السعودية، ثم حراء وكان يعمل بهما مساء ليتسنى له تغطية احتياجات العائلة. وأضاف خياط «وبطبيعة الحال كان علي في السنوات التي عملت فيها مخبرا، أن أمر بكل إدارة حكومية لالتقاط أخبارها، ومن يومها تلازمنا، فعملنا في البلاد معا، هو مدير لمكتب البلاد، وأنا سكرتير للتحرير، والحق كان مجيدا لعمله رائعا فيما يكتبه». وبين خياط أنه حين جرى انتخابه رئيسا لتحرير «عكاظ» اختار الداري مديرا للتحرير، ولكن البعض اعترضوا بأنه لم يكن عضوا في المؤسسة، فاقترحت تسجيل اسمه، عضوا بعد موافقة وزارة الإعلام، وتحصيل رسم العضوية منه وقدره 5 آلاف أقساطا وقد حصل ذلك. وتابع خياط: والحق أن الأستاذ عبدالله الداري من خيرة من عملت معه فهو أديب وكاتب وصاحب خلق رحمه الله وأسكنه فسيح جناته، إنا لله وإنا إليه راجعون.