لماذا لجأ رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي الى تقليص عدد وزراء حكومته؟ وما الذي منعه من تشكيل حكومة جديدة؟ وإلى أي حد يمكن له تجاوز الخطوط الإيرانية الحمراء في العراق؟ وما هو موقفه من قضية الإصلاحات ومحاربة الفساد ونهب المال العام إذا ما وصل الأمر إلى حزب الدعوة الذي هو أحد قادته؟ كل هذه الأسئلة وغيرها الكثير بدأت تثار في أروقة السياسة العراقية ودوائر صنع القرار في العواصم الدولية وهي تراقب عن كثب تفاصيل المشهد العراقي والتداخلات الإيرانية فيه. العبادي وبرغم كل الإجراءات التي يتخذها إلا أنه ما زال عاجزا عن تنفيذ كل ما يصبو إليه فقد عرقلت كتل شيعية في البرلمان عزمه على إعادة تشكيل حكومته مما دفعه إلى التخلص من بعض الوزراء في إطار سياسة الترشيد وضبط النفقات وهذا ما أكدته ل «عكاظ» عضو اللجنة القانونية في البرلمان العراقي فرح الزبيدي التي قالت إن العبادي كان يرغب بتشكيل حكومة تكنوقراط، لكن الكتل السياسية منعته. وأكدت أن هناك عوائق أمام رئيس الوزراء في البرلمان وخارج البرلمان لافتة إلى أن الاصلاحات التي اتخذت تحتاج الى تشريع قوانين من مجلس النواب إلا أن مجلس الوزراء لم يرسل أي مشروع قانون لتشريعه والمصادقة عليه. التطورات السياسية في العراق وتحركات العبادي باتت تخضع لمراقبة إيرانية مكثفة فطهران باتت تنظر إلى العبادي أنه أقرب إلى واشنطن أكثر من إيران. وتلمس إيران أن إجراءات العبادي التي تتم دون تنسيق مسبق معها على عكس ما جرت العادة منذ تولي الأحزاب الشيعية زمام السلطة في العراق قبل حوالى 12 عاما. المراقبون يرون أن إيران أخضعت تحركات العبادي السياسية بعد أشهر قليلة من توليه رئاسة الحكومة حينما طالب جميع دول المنطقة دون أن يستثني إيران باحترام سيادة العراق. المعلومات الأمنية المتوفرة تشير إلى أن طهران الغاضبة من العبادي لاستهدافه رجلها الأول المالكي لن تقف مكتوفة الأيدي وأنها لن تسمح بأي مساس بالسياسات الايرانية في العراق وأنها وفرت للمالكي منصة إيرانية لتحركاته ضد سياسات رئيس الوزراء وهو قادر على ذلك لامتلاكه الكثير من الأوراق القابلة للتوظيف في إرباك الوضع في البلاد. الجديد في الأزمة العراقية المفتوحة على كل الاحتمالات بروز مواقف تنتقد رئيس الوزراء العراقي في مسألة محاربة الفساد ومنع نهب أموال الدولة وهنا يكون موقف العبادي صعبا، فحزب الدعوة الذي يقوده المالكي وينتمي العبادي إلى صفوفه القيادية يستند إلى كم هائل من الأموال المنهوبة من الدولة كما تكشف ذلك وثائق رسمية صادرة عن البنك المركزي العراقي. إذن فتح ملفات حزب الدعوة والبدء بتقليب صفحاتها بات يحرج العبادي لأنه سينعكس بشكل سلبي على قراراته الإصلاحية وهو بذلك يدخل معركة جديدة تفرض عليه إما مغادرة صفوف الحزب أو البقاء فيه والتخلي عن موقعه في رئاسة الحكومة.