يلتقي ضيوف مهرجان «حكايا» بالزائرين، محملين بأسرارهم الكتابية التي يسردونها للمرة الأولى، كاشفين لجمهور متعدد الشرائح خريطة الطريق التي أوصلتهم إلى عالم الكتابة. وفيما يحمل كل منهم تجربته الإبداعية الخاصة و«شيفرته» التي شكلت لنصوصه معاني لم يسبق لها أن حملتها، يظل الشعور العاطفي والتأثير قاسما مشتركا في تجاربهم. يرى الكاتب خالد الباتلي أن التقنية قتلت جوهر الحكايا، مشيرا إلى أن التقنية جعلت زخارف النص أكبر من النص ذاته، ويعتبر أن الحكايا هي الوجه الآخر للتاريخ، مشيرا إلى أن التاريخ في كتبه الكثيرة نقل الأحداث العظيمة في مختلف العصور، فيما تولت الحكايا والقصص نقل سير المجتمع وملامح الجيل. وعن بداية علاقته بالكتاب يقول الباتلي: «بدأتها في سن السابعة مع قصص المكتبة الخضراء والألغاز، ولا تزال حكاية (الأنف العجيب) الذي يطول عند الكذب عالقة في ذهني». ويضيف: «ليس شرطا أن يكون الشخص كاتبا أو مبدعا أو فنانا ليهتم بالقصص والحكايا، فالمسألة ليست إلا تذوقا وشغفا». أما الكاتب فيصل العامر، فعلاقته بالحكايا بدأت في أوائل التسعينات من القرن الماضي حين كان طفلا يتوسد الراديو الروسي، ويستمع للأفلام والقصص الصوتية التي أتاحت لمخيلته رسم الشخصيات، وتنظيم الأماكن، وتخيل ردود الفعل ليكون صانعا شريكا في الحكايا أكثر من كونه متلقيا لها. بهذه الطريقة وصل العامر لأن تكون أول نصوصه حكاية، ومنذ ذلك الوقت لم تنفك عنه روح القصة حتى عندما انتقل لكتابة المقال. وبخلاف الباتلي، يرى العامر أن التقنية وسيلة مساعدة لا تفسد الحكاية إلا إذا سمح لها بالتدخل لحد الإفساد: «التقنية وسيلة مساعدة، ولا تفسد شيئا إذا ما أجبرناها على ذلك، وقبل التقنية كنا سنجد صعوبة في قراءة حكاية جميلة، أو مشاهدة عمل ملهم.. العالم بفضلها أصبح أكثر قربا وتفاعلا، وربما استخدمناها بشكل مبالغ فيه، لكن ذلك ذنبنا لا ذنبها». المتعة هي وجه الحكاية وشرطها بحسب العامر، فوظيفتها الأساسية ألا تترك متلقيها إلا وتفاصيلها طبعت في ذاكرته، ولا فرق بين حكاية قديمة أو حديثة، فالحكايا مطيعة تتشكل بحسب الراوي والظرف الزمني لها. ويجد العامر أن السير الذاتية هي الأقرب للكثير من الكتاب، إذ يخشى بعض الكتاب أن يفقدوا قدرتهم على كتابة نص متماسك عند البعد عن تفاصيل حياتهم الخاصة، غير أن الكاتب الجيد من وجهة نظره هو من يحمل خيالا لا يقف عند تفاصيل حياته الشخصية. الحكايا العالمية لم تستفز العامر ليكون كاتبها، غير أنه ممتن لفضلها لأنها دفعته للكتابة، فمشاهدة الأعمال العظيمة تحفز المتلقي رغم أي ظرف يواجهه. يذكر أن مهرجان «حكايا» يقام في الرياض 17 ذي القعدة الجاري (الأول من سبتمبر)، ويستضيف عددا كبيرا من الكتاب والمبدعين للحديث مع الزائرين عن تجاربهم وخبراتهم في الكتابة. ويعد المهرجان الأول من نوعه في الشرق الأوسط، ويسعى لربط شرائح المجتمع كافة بالقراءة، خصوصا فئة الأطفال، عبر تحفيزها على التخيل والابتكار في صناعة القصة، وتعلم كتابتها، ورسم لوحاتها، وتصور مشاهدها، والاستمتاع بمتابعتها.