الصناعة والثروة المعدنية تعالج 781 طلبا لخدمة الفسح الكيميائي    أمانة حائل تنظم ورشة عمل حول الاقتصاد الدائري في قطاع النفايات    منتجات الذهب الأكثر تضخما بزيادة 35.6%    نائب وزير الخارجية والمفوض الأوروبي للشؤون الداخلية والهجرة يبحثان العلاقات الثنائية    «بشت الكيمونو»... لقاء حضاري سعودي ياباني في إكسبو 2025 بأوساكا    ترامب: يجب على أوكرانيا ألا تستهدف موسكو    القبض على باكستانيين في بحرة لترويجهما «الشبو»    الأمير سعود بن نهار يطّلع على التقرير الشامل لأداء إدارة تعليم الطائف خلال عام 2025    أمير تبوك يطمئن على صحة الشيخ عون أبو طقيقه    ضبط 12 وافدًا لممارستهم الدعارة في شقة سكنية بنجران    هيئة التراث بجازان تستعرض جهودها في حفظ الإرث الثقافي خلال زيارة إعلامية    آل الشيخ يعلن بدء بيع تذاكر نزال كانيلو وكروفورد    خيسوس يصل الرياض لبدء مهمته مع النصر    الأمم المتحدة: الضفة الغربية تشهد أكبر نزوح منذ 1967    منشي: نظام الاستثمار الجديد من محفزات جذب الاستثمارات    البيتكوين يتراجع متأثرا بعمليات جني الأرباح    مؤشر سوق الأسهم السعودية يغلق منخفضًا عند مستوى (11095) نقطة    أمير حائل يتسلّم الرئاسة الفخرية لجمعية "ذرية للإنجاب"    مبادرة وطنية تُبصر الأمل: "عيناي" ينقذ آلاف المرضى من مضاعفات السكري    التنوع الثقافي يصنع قرارات أقوى ومؤسسات أذكى    سيرة من ذاكرة جازان.. الدكتور علي محمد عواجي العريشي    محافظ أبو عريش يرأس اجتماع المجلس المحلي لبحث الاستعدادات لموسم الأمطار    قرار ريال مدريد يُقرب فينيسيوس جونيور من دوري روشن    مفتي عام المملكة يستقبل رئيس مجلس إدارة جمعية النور لتحفيظ القرآن الكريم بمنطقة الباحة    وزير الدفاع السوري يُعلن وقفًا تامًا لإطلاق النار في السويداء    عودة جديدة .. الفتح يبدأ تدريباته بقيادة قوميز استعدادًا لموسم أقوى بدوري روشن    في ختام الأسبوع الأول من منافسات كأس العالم للرياضات الإلكترونية 2025.. فريق VK Gaming يتوج بلقب لعبة Apex Legends    "اعتدال و تليجرام" يزيلان 30 مليون مادة متطرفة    عراقجي: لن نقايض قدراتنا العسكرية.. طهران تستعد ل«رد مناسب» على آلية الزناد    تصاعد الخلافات حول خطة إسرائيل المستقبلية في غزة.. ساعات «حاسمة» ونتنياهو يلوح باستئناف الحرب    عزت رئيس نيجيريا في وفاة الرئيس السابق محمد بخاري.. القيادة تهنئ رئيس فرنسا بذكرى اليوم الوطني لبلاده    «الشورى» يطالب بدعم الكوادر الطبية في المناطق الطرفية    موجة حر قاتلة بإسبانيا    بدء التسجيل لاختبار القدرة المعرفية الورقي    أمانة جدة تباشر 167 حالة إنقاذ على الشواطئ    4.2 مليار ريال استثمارات صناعية جديدة    وزير الاتصالات يناقش مع وزير العلوم البريطاني توسيع الشراكة    اليابان وأوروبا تطوران شبكة أقمار صناعية    عرض صخرة مريخية للبيع    الإناث يتفوقن كما ونوعا بمعرض تشكيلي    أشرف عبد الباقي يصور«السادة الأفاضل»    مريضة سرطان تفتتح مقهى لتوظيف أصحاب الهمم    يا فرصة ضائعة    الهلال.. ريادة تتجاوز الميدان إلى ضمير الإنسانية    استقبل وفداً من هيئة الأمر بالمعروف.. المفتي يثني على جهود«نعمر المساجد»    الفيفا يختار بونو وحكيمي ضمن التشكيلة المثالية لمونديال الأندية    سماعات الرأس تهدد سمع الشباب    نصائح طبية لتقليل التعرق    فوائد الخبز الصحية يوميا    الربو وفسيولوجيا التنفس عند الحوامل    محمد بن عبدالرحمن يستقبل نائب أمير جازان وسفير عمان    رواد التأثير والسيرة الحسنة    لتعريف الزوار ب«الأثرية».. جولات إثرائية لإبراز المواقع التاريخية بمكة    تدشين الخطة الإستراتيجية "المطورة" لرابطة العالم الإسلامي    أمير الشرقية يستقبل سفير جورجيا    فيصل بن مشعل يتسلّم تقرير مزادات الإبل وفعاليات يوم التأسيس في ضرية    أمير منطقة جازان يستقبل رئيس المحكمة الإدارية بالمنطقة    نائب أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على الشثري    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الكتابة وحدود التأويل
نشر في عكاظ يوم 22 - 08 - 2015

يعرف رولان بارت الكتابة في كتابه المعروف «درجة الصفر للكتابة» الذي ترجمه إلى اللغة العربية الكاتب محمد برادة، بكونها فعلا للتضامن التاريخي، ويحدد وظيفتها في العلاقة القائمة بين الإبداع والمجتمع، و تبعا لذلك فهي تتجلى في اختيار الكاتب للشكل الذي سيعبر به عن فكره تجاه العالم المحيط به. هكذا يتحول الاختيار إلى فعل إبداعي، وهكذا تتحول الكتابة إلى تعبير عن هذا الفعل الإبداعي. تختلف طبيعة الكتابة من كاتب لآخر وفق اختيارته الفكرية والجمالية ووفق اختيار الجنس الأدبي الذي يبدع فيه، ويتحدد أسلوبه الأدبي الخاص تبعا لذلك. وكما يقول رولان بارت «إن عملية اختيار كتابة وتحمل مسؤوليتها يحددان حرية، إلا أن هذه الحرية ليست لها الحدود نفسها حسب مختلف لحظات التاريخ»، وهو أمر جدير بالتأمل. وإذا كان هذا هو شأن الكتابة مع مراعاة مختلف أنواعها من سياسية وفكرية وإبداعية، فما هو شأن النقد المهتم بها، والمرتبط بمسألة تأويلها ؟. هنا يطرح السؤال الأساس وهنا تأخذ أبعاد التأويل تجلياتها المتعددة من جهة والمختلفة من جهة أخرى. إن النقد كان دائما مرافقا للكتابة وهو قد سعى حسب النقاد العرب القدامى إلى تمييز جيدها من رديئها. وقد سعى إلى تحديد ما تثقفه العين وما تثقفه الأذن وما تثقفه الذائقة الأدبية في مجال الكتابة والإبداع الشعري منه والنثري على حد سواء، وإن تم التركيز على الشعري بصفة واضحة، على اعتبار أن الشعر قد مثل ديوان العرب في ذلك الوقت. ومن معاني كلمة «نقد» في التراث العربي القديم «النظر إلى الأشياء خلسة»، وهو ما يمكن توسيعه هنا بأن الناقد هو ذلك الباحث في ثنايا النصوص الإبداعية عن أشياء غير واضحة، إنه ينظر بحذر إلى هذه النصوص، ويبحث عن المختفي فيها دون أن يلحظ أحد سواه ذلك. إن النظر إلى النصوص الإبداعية خلسة، فيه شيء من الدهاء ومن المكر المعرفي العميق. ومن معاني كلمة «نقد» كذلك، المناقشة، بمعنى طرح الأسئلة وتقديم الأجوبة والأخذ والرد في الأشياء. هذا دون أن ننسى أن كلمة «نقد» قد ارتبطت في جانبها الآخر، حتى لا نقول السلبي، باللدغ و المعايرة وغير ذلك. وقد تطور مفهوم الكلمة وأصبح مرتبطا بالقراءة و التحليل والتأويل بحثا عن المعاني المستترة أو عن معنى المعنى بتعبير عبد القاهر الجرجاني، وتقديمها للقارئ . أما بخصوص كلمة «نقد» لاسيما تلك المرتبطة بالأدب في التراث الغربي، فهي كما يقول كل من ج س كورلوني ، وجان س. فيللو في كتابهما المشترك «النقد الأدبي» المنشور في السلسلة الشهيرة «ماذا أعرف؟»، تعني ما يلي:
«النقد الأدبي يهتم بفحص الأعمال والمؤلفين القدامى والمعاصرين من أجل شرحهم وتفسيرهم وتقييمهم»، وهو ما يجعل هذا التعريف يقترب من التعاريف التي سبق أن أشرنا إليها . حقيقة إن النقد الأدبي طيلة مساره الطويل سعى للخروج من شرنقة الانطباع ومحاولة الوصول إلى العلمية عبر التحكم في أدواته وجعلها منسجمة مع ذاتها وفق نسق معرفي محدد ومضبوط، ولكن مع ذلك ظلت التأويلات التي يقدمها بخصوص الأعمال المدروسة مختلفة ومتباينة تبعا للمنهج المستعمل وللرؤية المنهجية المتحكمة في الناقد الذي سيتحول إلى عملية البحث الدقيق ، بدل إصدار الأحكام وتقديم وجهة نظره مباشرة في الأعمال التي يقرؤها. وهو أمر دفع بالناقد والباحث تزيفتان تودوروف إلى مساءلة هذه الظاهرة والحديث عنها في كتابه «الأدب في خطر» لاسيما ما تعلق منها بالباحث الذي يركز على الجوانب الداخلية للنصوص الإبداعية ويتجاهل الجوانب الخارجية تحديدا» ، داعيا إلى عملية الربط بين هذين النوعين معا وفق نظرة تكاملية. يقول تزيفيتان تودوروف في كتابه هذا، أي «الأدب في خطر» الذي ترجمه إلى اللغة العربية المترجم عبد الكبير الشرقاوي، ما يلي : «في ذهني اليوم كما في الماضي أن المقاربة الداخلية (دراسة علاقة عناصر العمل الأدبي فيما بينها) ينبغي أن تكون مكملة للمقاربة الخارجية (دراسة السياق التاريخي، و الايديولوجي، والجمالي)» . إن النقد الأدبي وهو يتحول إلى قراءة وتحليل و مقاربة ظل دائما مرتبطا بعملية التأويل بشكل صريح أو حتى بشكل ضمني. لكن هذا التأويل وكما اشترط النقاد، وحتى القدامى منهم يجب أن يكون مقيدا بحدود معينة حسب تعبير الباحث السيميائي أمبرطو إيكو . هذه الحدود تتجلى في معرفة الناقد بأدوات القراءة وتمكنه منها، و إلا صار التأويل مجرد قول لا يلزم سوى صاحبه. ذلك أن التأويل في العمق و كما يذهب إلى ذلك عبد القاهر الجرجاني هو البحث عن المعنى الأصلي، بمعنى إرجاع المعنى الظاهر في النص إلى المعنى الأول له. فالتأويل هو الترجيع. من هنا، يجب الانتباه إلى عملية التأويل أيضا. يقول أمبرطو إيكو في كتابه «اعترافات روائي ناشيء» وهو من ترجمة الأستاذ والباحث السيميائي سعيد بنكراد، مايلي: «إن القول بأن عملية تأويل نص ما قد يكون لا متناهيا، لا يعني أن التأويل لا موضوع له، وأنه لا وجود لأي شيء يمكن أن يتوقف عنده ( سواء تعلق الأمر بواقعة أو بنص)، والقول أيضا إن النص قد يكون بلا نهاية لا يعني أن كل عملية تأويلية يمكن أن تكون لها نهاية سعيدة . «وهو ما يتطلب الحذر في القراءة» ، ذلك أنه «على الرغم من صعوبة تحديد صحة تأويل ما، أو أي التأويلين أفضل في مقاربة نص ما ، من الممكن دائما التأكيد أن هذا التأويل أو ذاك هو تأويل خاطئ أو هذياني أو على الأقل لا قيمة له» على حد قول أمبرطو إيكو نفسه في ذات الكتاب المشار إليه. إن عملية التأويل عملية صعبة وتتطلب إدراكا قويا ومعرفة واسعة، وهو بالتالي ليس في إمكان كل القراء. طبعا ما قلناه هنا ينطلق على الكتابة الأدبية لكن ليس لوحدها فهو يشمل أيضا باقي الكتابات الأخرى المرسومة منها والسمعية البصرية وسواها..

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.