حمل مهران حقيبته وستة وأربعين عاما من هموم سيكتشف لاحقا أنها لم تكن شيئا يذكر. وتوجه صوب مطار باريس، ورغم سرقة جواز سفره، إلا أنه استقل الطائرة إلى لندن التي رفضت استقباله وأعادته خائبا، لكن موظفي الجوازات في باريس منعوه من الدخول ليبقى أسير الصالة رقم واحد في مطار شارل ديغول في واحدة من أغرب قصص التاريخ الحديث. كان النبي «نحميا» أول من حمل جواز سفر في التاريخ، ولم يكن ذلك سوى رسالة خطها الملك الفارسي أردشير عام 450 قبل الميلاد «إلى الحاكم وراء الأنهار» أي الفرات، تطلب منه الأمان عند مروره بأراضيهم. و ظلت وثائق السفر مقصورة على مبعوثي الدول لإعطائهم الأمان. بعد ذلك بألفي عام أي 1414م أصدر الملك البريطاني أمرا بإصدار وثيقة لكل من يود عبور الموانىء البريطانية إلى فرنسا وسميت باسبورت وهي تعني حرفيا وثيقة عبور الميناء، ولم يستخدم الباسبورت دوليا سوى بعد الحرب العالمية الأولى، لا رغبة في حماية المواطنين كما قد تظن، بل إنه خوف من هروب الموهوبين ومنع لدخول الجواسيس. جواز السفر القديم لم يكن سوى ورقة صغيرة دونت عليها بعض المعلومات الشخصية، حتى وضعت عصبة الأمم الشكل العام للجواز الجديد بعد الحرب العالمية الثانية، التطور الرئيسي في تاريخ جواز السفر كان في ظهور الجواز الرقمي، وهو المستخدم حاليا في جميع دول العالم الآن، حيث يكفي تمريره على الماسح الإلكتروني لقراءة جميع المعلومات، هذا التطور أتاح لبعض الدول كالسعودية أن تضيف المعلومات الحيوية كبصمتي العين والأصابع، ودول أخرى أن تفكر بإدخال البصمة الوراثية، نعود إلى صاحبنا مهران، أو توم هانكس الذي صور معاناته في الفيلم الشهير «الصالة» The Terminal. ولكن من يستطيع نقل معاناة سجين في صالة مطار لثمانية عشرة عاما لم يخرج منها لسوء حظه إلا إلى مأوى للمتشردين بعد أن فقد عقله، ولحسن حظنا بعد أن كتب مذكراته البائسة..