يودع زوار «سوق عكاظ»، مساء اليوم، برامج فعاليات السوق التي استمرت لمدة 10 أيام منذ يوم الافتتاح ما بين الشعر والمسرح والفنون البصرية والألعاب الشعبية والندوات العلمية والثقافية والعروض الفنية والتاريخية والتراثية. وفي حين يتطلع الزوار والشعراء والأدباء والمثقفون والمفكرون والعلماء إلى العودة في الموسم العاشر، فإنهم يأملون أن تتجدد فيه «العنقاء» وتخرج فيه بمظهر جديد أكثر توجها وتألقا، وهنا يؤكد محمد سمان مدير الإعلام في سوق عكاظ أن حضور ومشاركة ضيوف سوق عكاظ هذا العام من الشعراء والأدباء والمثقفين والمفكرين والعلماء جاء ليؤكد أن السوق «ما كان ليكون» لولا حضورهم ومشاركاتهم ومساهماتهم الثقافية فيه، بعد أن زادوه عطاء، وقدموا لزواره ثراء ثقافيا وإبداعيا وعلميا متميزا، عبر مشاركاتهم المتنوعة في الأمسيات والمحاضرات والندوات المدرجة ضمن البرنامج الثقافي. ويوضح مدير الإعلام في سوق عكاظ أن النسخة التاسعة لهذا العام جاءت لتؤكد أيضا أن السوق لا يهدف إلى محاكاة الماضي فقط، وإنما يسعى أيضا إلى استشراف المستقبل، ونقل المفاهيم والعلوم المستقبلية لرواد السوق، وخصوصا من المواطنين، وتعريفهم بالمفهوم الجديد للعالم الجديد، من خلال برنامج «عكاظ المستقبل»، كما لم يخل البرنامج الثقافي من تقديم رؤى استشرافية للمستقبل بلسان الأدباء والمثقفين والإعلاميين. ويقول محمد سمان إن «كلمة المستقبل هي العنصر الرئيس في برامج سوق عكاظ وأنشطته المتنوعة، وكانت حاضرة في حديث صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل بن عبدالعزيز مستشار خادم الحرمين الشريفين أمير منطقة مكةالمكرمة رئيس اللجنة الإشرافية للسوق مع ضيوف السوق من الأدباء والمثقفين والشعراء والإعلاميين، وفي تفاصيل جميع الندوات والمحاضرات المدرجة ضمن البرنامج الثقافي» . لكن الحدث الأبرز هذا العام والحديث لمدير الإعلام في سوق عكاظ تمثل في إعلان انضمام حقل الريادة المعرفية كأحد أهم العناصر في «عكاظ المستقبل» ، حيث أعلن سمو أمير منطقة مكةالمكرمة ورئيس اللجنة الإشرافية استحداث جائزة جديدة ضمن جوائز سوق عكاظ السنوية تخصص لريادة الأعمال في الحقل المعرفي، وتضاهي في قيمتها المعنوية والمالية جائزة شاعر عكاظ. الريادة المعرفية إعلان الأمير خالد الفيصل عن دخول قطاع الريادة المعرفية ليكون أحد العناوين الهامة في (عكاظ المستقبل) جاء في كلمته خلال افتتاحه ندوة الريادة المعرفية، والتي اقترح فيها أيضا تطوير هذه الندوة إلى يوم كامل في العام المقبل، باعتبار أن سوق عكاظ يعنى بالاقتصاد والصناعة والتجارة. وكان الأمير خالد الفيصل خاطب ندوة الريادة المعرفية، مثمنا فيها جهود المشاركين فيها، والتي تنعقد في سياق مبادرة سوق عكاظ باستحداث محور خاص لإبداع الشباب ومنجزاتهم، يهدف إلى استثمار السوق ليكون إحدى قنوات التواصل الإيجابي من أجل تبادل الأفكار مع الشباب وعرض تجاربهم العلمية والعملية وتقييمها. وقال الأمير خالد الفيصل: «في هذا العام الرابع للمبادرة، ينظم السوق هذه الندوة تحت عنوان (الريادة المعرفية) بالتعاون مع معهد الإبداع وريادة الأعمال في جامعة أم القرى، وتشارك فيها وزارة الاقتصاد والتخطيط المناط بها الهيكلة الاقتصادية والشؤون العامة للتنمية، كما تشارك مدينة الملك عبدالعزيز للعلوم والتقنية المعنية بالتنسيق بين أصحاب القرار ورجال الأعمال، وقيادات القطاعين العام والخاص، والجهات الاستثمارية والأكاديميين ورواد الأعمال المعرفيين والمبدعين والمبتكرين من الشباب». وتابع الأمير خالد الفيصل قائلا: «تأتي هذه الندوة مواكبة لحرص المملكة العربية السعوية على تفعيل خططها الاستراتيجية الوطنية، لتكون رائدة في التنمية القائمة على الاقتصاد المعرفي الذي أصبح لغة العصر، وضرورة حتمية لتوظيف الطاقة البشرية في الاستثمار الأمثل لمواردها المادية بما يحقق التنمية الشاملة المتوازنة والمستدامة بالشراكة الفاعلة بين القطاعين العام والخاص». وشدد الأمير خالد الفيصل: «كنا في سوق عكاظ وما زلنا نكرر أن هذا السوق ليس استظهارا للماضي فحسب، بل علينا أن نأخذ من الماضي أحسن ما فيه ونبني عليه ما ينفع حاضرنا ويفيد مستقبلنا، وقلت سابقا إن سوق عكاظ القديم كان يقدم آنية اللحظة في الفكر والثقافة والتجارة، ويجب أن نعيد هذا المفهوم ونضيف إليه ما يحقق لنا آمال الحاضر والمستقبل، ولذلك نحرص في سوق عكاظ سنويا على تحقيق قيمة مضافة، وفتح نافذة جديدة على المستقبل في المجالات الثقافية عامة والعلمية خصوصا، ليسهم ذلك في تقديم صورة مشرفة للنهضة الحضارية، التي تعيشها المملكة في المجالات الاجتماعية والعلمية والاقتصادية، وهي نهضة تخطو خطوات ثابتة لنقل مجتمعنا السعودي إنسانا ومكانا إلى مصاف الأول المتحضر» . وزاد الأمير خالد الفيصل بالقول: «وفي سياق استشراف السوق للمستقبل، خصوصا في العلوم الحديثة والابتكارات والاختراعات، بادرنا منذ بداية إحيائه إلى إطلاق معرض (عكاظ المستقبل)، تقدم فيه الجامعات والمؤسسات البحثية والتقنية آخر أبحاثها وابتكاراتها في جميع المجالات، كما أن مؤسسات التعليم العالي مدعوة لدعم وتطوير برامج ريادة الأعمال من أجل تأهيل الشباب وإكسابهم الكفاءات المعرفية والقدرات المهارية لطرح أفكار ابتكارية وإبداعات عملية تشجع ثقافة العمل الحر، وتدعم تحويل الأفكار المبتكرة إلى كيانات تجارية» . وخلال الندوة، أعلنت إمارة منطقة مكةالمكرمة، وبتوجيه من الأمير خالد الفيصل، تعاقدها مع شركة التجربة البصرية، وهي شركة يملكها شابان من رواد أعمال حقل الريادة المعرفة، وذلك وفق الرؤية الطموحة لسوق عكاظ لأن يكون واجهه حضارية عن الإنسان السعودي والعربي. وبحسب العقد الذي وقعه الدكتور سعد مارق مستشار سمو أمير منطقة مكة وأمين عام اللجنة الإشرافية لسوق عكاظ، وعبدالواحد الزايدي الرئيس التنفيذي لشركة التجربة البصرية، بإنتاج محتوى إعلامي جديد عبارة عن وساط وتطبيقات تنقل رسالة ورؤية سوق عكاظ الحاضر والمستقبل إلى العالم في قالب عصري. الفكر والنقد ولم يفوت البرنامج الثقافي لسوق عكاظ الرجوع إلى جذور الثقافة العربية، فعاد إلى تلك الجذور عبر ندوة «شعر لبيد بن ربيعة.. قراءات نقدية»، وقدمها الدكتور محمد ربيع، شارك بها الدكتور عبدالله التطاوي، والدكتور ناصر الرشيد، والدكتور ماجد الجعافرة، والدكتور عبدالحق الهواس، واتفق فيها النقاد على أن الدراسات التي وردت حول شعر لبيد بن ربيعة كشفت عن مقومات فنية، ولا سيما في معلقته، بدراسات موضوعية وفنية على اختلاف المناهج والمشارب النقدية، بين الأسلوبية والبنيوية. واعتبروا أن الصراع المبكر الذي فرض على الشاعر الفتي أو الصبي، جعلته يبدأ رحلة التأمل لمراجعة الأشياء مبكرا، ما انعكس في ردود أفعاله تجاه البحث عن بديل للأب المفقود في أعمامه وقومه. واختلف النقاد حول شعر لبيد بعد إسلامه؟ وهو الذي صار من المؤلفة قلوبهم، وكان من المتوقع أن ينظم الكثير في دعوة قومه للدخول في الإسلام، لكن لبيد آثر النجاة بنفسه منذ أن حسن إسلامه وفضل الزهد والورع والفرار من المهالك، فلم يشأ الانخراط في مدارس شعرية أو اتجاهات فنية، في ظل عزلته الإنسانية. ولأن سوق عكاظ يهتم بالحاضر، فقد شهد البرنامج الثقافي أيضا ندوة سلطت الضوء على التحديات التي تواجه دول الخليج، وأدارها الدكتور عثمان الصيني، وشارك فيها كل من: الدكتور علي فخرو، الدكتور محمد الرميحي، والدكتور مشاري النعيم، وأجمع المشاركون فيها على ضرورة الحفاظ على الهوية العربية وحل المشكلات الداخلية بالالتفات إلى القضايا المعاصرة وإيجاد مظلة لاستيعاب المتغيرات والاستفادة من العقول والباحثين في الإصلاح السياسي والأنظمة الاقتصادية ونشر الثقافة الديموقراطية العادلة، كما تطرقوا إلى الديموقراطية وطرق بنائها بصورة تدريجية، واستعرضوا ما حققه مجلس التعاون الخليجي عبر مسيرته خلال اجتماعاته ومشاريعه من تقدم ورقي لمنظومة دوله وتطرقه لمختلف القضايا التي تهم مستقبل المنطقة واقتراح الحلول العاجلة لها، كما تناولوا أهمية تحول دول الخليج إلى مجتمع منتج بدلا من مستهلك والتركيز على التعليم والمناهج والاقتصاد والتدريب، ووفد إلى سوق عكاظ مجموعة من الأدباء والكتاب لاستعراض تجاربهم في الكتابة أمام المهتمين بالتعرف على تلك التجارب، وذلك عبر محور «تجارب الكتاب» الذي أفردت له اللجنة الثقافية جلستين خاصتين، بينهم الروائي التونسي حافظ محفوظ، والسعودي فهد الخليوي.