شهدت انتخابات المجالس البلدية في كل من مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، ضعفا واضحا في إقبال المرأة على التسجيل في سجلات قيد الناخبين، وهو ما أرجعه عدد من سيدات المجتمع، إلى جملة من الأسباب أهمها غياب ثقافة الانتخابات وضعف الإعلان الذي يشجع على معرفة ماهية الانتخابات البلدية. صدمة نسائية وعن ذلك تقول البروفيسورة أسماء باهرمز: «هناك ضعف شديد في معرفة المجتمع بأهمية ودور المجالس البلدية، كما أن التجربة السابقة والتي تم إقصاء المرأة منها أحدثت نوعا من الصدمة». وترى باهرمز أن ضعف حملات التوعية أحد الأسباب الرئيسية في عدم الإقبال والمشاركة في الترشيح والتصويت، وتضيف «ذاكرة المجتمع قصيرة ويجب إقناع الناس بأهمية الانتخابات ومدى جدواها ليجدوا دافعا للمشاركة فيها». وتتفق سيدة الأعمال مضاوي الحسون مع سابقتها قائلة: «كانت لدينا تجربة ناجحة بكل المقاييس في الغرفة التجارية، إلا أن غياب المرأة عن الدورتين السابقتين أحدث نوعا من الإحباط، كما أن عدم المعرفة بهوية المرشحات له دور في هذا العزوف». ثقافة جديدة وذكرت المحاضرة في قسم الفنون الإسلامية في جامعة المؤسس فاطمة عمران أن موضوع الترشيح والانتخاب ثقافة جديدة على المجتمع وعلى المرأة بشكل خاص، فهو أمر يبدأ من الصغر من خلال مراحل التعليم، لذا كان ينبغي أن يتم الترتيب لهذه الانتخابات بحملات إعلانية وتوعوية كبيرة تسبقها بستة أشهر لتوعية المجتمع بأهميتها وآلية المشاركة فيها، وليست إعلانات بسيطة تسبقها بأيام فقط، لذا فمن الطبيعي جدا أن تكون النتائج أقل من المأمول. وتؤكد لمى آل غالب المدير تنفيذي لمشروع (شبابنا)، على غياب دور الإعلام في نشر وتوضيح أهمية الترشيح والتصويت للمرأة أو حتى طريقة توزيع المواقع أو المرشحين، فلم يتم نقل المعلومة الكافية للمواطنات، وكان يفترض أن تكون هناك موجة إعلامية ضخمة لحدث كهذا خصوصا أن مشاركة المرأة مسألة جديدة كليا على مجتمعنا. وترى المحامية رندة حسين عارف أن المملكة تشهد وثبة نوعية لتمكين المرأة من ممارسة حقوقها عن طريق الانتخاب أو الترشح للمجالس البلدية، وكان من المتوقع أن يكون الإقبال شديدا جدا، غير أن النتائج الأولية مخيبة للآمال، وترجع ذلك إلى ما ذكر عن ضعف الحملات الإعلانية التي لم تحاكي ضخامة الحدث. حائط التعقيدات من جانبها، تقول خيرة الجزائري: لم يجد دخول المرأة «كناخبة ومرشحة» للمرة الأولى أي ترتيبات مسبقة لتوضيح الفكرة الانتخابية وما يترتب عليها من نتائج وأهميتها، خاصة أننا لا نعرف من قبل كيف تكون بيئة الانتخابات وآلية سيرها، وإذ بنا فجأة أمام دوائر ولجان وقيد ناخب وقائمة مرشحين. وأكدت أنها صدمت بحائط التعقيدات، حيث جاءت الشروط غير منطقية وصادمة، من خلال تجاهل رقم البطاقة الوطنية والتي نعتقد أنها مرتبطة بكافة الأجهزة الحكومية وشاملة لكل البيانات الشخصية، فإذا كان توفير عقد إيجار السكن للإثبات والتحقق من الدائرة التابعة لها الناخب لماذا يستوجب إحضار فواتير الكهرباء وتصديق «عمدة الحي» وغيرها من الشروط غير المبررة، فهل من المعقول أن أخرج للبحث عن عمدة الحي الذي لا أعرفه ولا يعرفني، فكيف يتسنى له تزكيتي كناخبة؟. نتيجة متوقعة وتشير تماضر اليامي إلى أن الإقبال الضعيف في مرحلة تسجيل الناخبين بمنطقتي مكةالمكرمةوالمدينةالمنورة، كان متوقعا لأكثر من سبب، أولا خيبة الأمل في الدورتين السابقتين، وثانيا ضعف عملية التوعية بالنظام الجديد للمجالس والانتخابات والتغييرات المشجعة التي طرأت عليهما والتي من شأنها أن تحفز المواطنين للمشاركة. وتذكر الشابة سارة الجهني (خريجة ثانوية) أن الانتخابات مازال مجالها مبهما على الرجل، فما بالك بالمرأة، أضف إلى ذلك هناك بعض العقبات وصعوبة في الوصول إلى المعلومات. معلومات غائبة وبينت الناخبة شادية جنبي أنها قامت بجولة مكثفة قبيل الانتخابات على مساكن مخطط الشرائع الذي تقطن به وبعض الأقسام النسائية في الدوائر الحكومية والمؤسسات، بالإضافة إلى أخذ شريحة من عابري الطرقات ذكورا وإناثا، رصدت من خلالها جهلا تاما من قبل النساء بالانتخابات عموما والدور الذي تقوم به المجالس البلدية والهدف من دخول المرأة هذا المعترك على وجه الخصوص، بالإضافة إلى محدودية الدورات التدريبية والبرامج التوعوية. وقالت رشا عبدالله أن بعد ومحدودية مقار المراكز المخصصة للنساء في الدوائر الانتخابية التي يقطنون بها، وعدم وضوح عناوينها أدى إلى عزوف البعض عن تحمل عناء البحث عنها، فضلا عن قصر موعد تسجيل القيد على الفترة المسائية التي يتعذر على البعض التحرك فيها، بالإضافة إلى تواجد بعض العائلات خارج مكةالمكرمة في هذه الفترة بسبب الإجازة وتزامن انطلاق الانتخابات مع موعد عودة دوام المعلمات اللاتي يمثلن جزءا كبيرا من شرائح المجتمع. التكتلات الذكورية وذكرت أمل طارق أن فشل التجارب النسائية في انتخابات الغرفة التجارية والصناعية بمكة خلال الدورتين السابقتين أحبط النساء وحد من رغبتهن في المشاركة كناخبات أو مرشحات، خوفا من تكرار نفس الأمور التي أقصت المرشحات بسبب التكتلات الذكورية وتقديم المصالح الشخصية وصلة القرابة على الكفاءة في منح الأصوات، وأخيرا عدم استعداد المرأة للدخول في هذا المعترك وهو ما ظهر من خلال برامجهن الانتخابية المتواضعة نتيجة غياب الوعي بسياسة الانتخابات. وتضيف سيدة الأعمال عزيزة عبدالقادر عبدالرحيم أن الحملات الإعلانية والدعائية التي نفذتها أمانة العاصمة المقدسة ووزارة الشؤون البلدية والقروية في وسائل الإعلام والشوارع لا تكفي لتوعية المجتمع عموما، فلا بد من العمل الميداني الذي يستهدف أماكن التجمعات النسائية في مقار العمل ومراكز التسويق، بالإضافة إلى الندوات التي تعرف المجتمع وتجيب على تساؤلاته حول العملية الانتخاببية. أخيرا تؤكد رانية عبدالعزيز زاهد عضو لجنة شباب الأعمال وعضو لجنة الفعاليات والمناسبات بغرفة مكة أن المرشحة لا بد أن تحمل برنامجا فاعلا قابلا للتنفيذ والقياس فالترشيح وخوض الانتخابات رسالة تحمل إنجازا وإضافة يحتاجها الحي وتحتاجها مكة. عدم جاهزية المراكز إلى ذلك، رصدت «عكاظ» من خلال جولة في عدد من المراكز والدوائر الانتخابية النسائية بالمدينةالمنورة، عدم اكتمال استعدادات وجاهزية المراكز والدوائر الانتخابية وعدم وجود اللوحات الإرشادية، كما لوحظ نقل عدد منها من المقر المعلن إلى مقر آخر دون الإعلان عنه بما يكفي، فضلا عن غياب المنشورات التوعوية والإرشادية، وعدم وجود الأجهزة الحاسوبية التي يتم إدخال بيانات الناخبات والمرشحات عليها.