فوجىء سكان محافظة جدة ببعض أراضي الحدائق التي أنشأتها الأمانة مؤخرا وقد استحالت إلى جرداء قاحلة صفراء وأشجار ذابلة وماتت واقفة لم يبق فيها غير العشب الجاف معلنة بذلك انضمامها الى قائمة الحدائق المنسية.. المسببة للهدر المالي في ميزانية الأمانة. رواد تلك الحدائق يتحدثون بحرقة عن غياب العناية وإهمالها لفترة طويلة الأمر الذي أجبرهم وعائلاتهم للنأي عنها قسرا حتى تحول بعضها الى خرائب ومرمى للنفايات وعبوات البلاستيك والأطعمة الجافة المستهلكة تتقاسمها الطيور والحشرات والحيوانات الضالة التي تجد بغيتها في المخلفات. مواطنون اخرون تحدثوا عن اشكالية قص الأشجار بشكل عشوائي بواسطة عمال شركة النظافة، لافتين إلى أن أهمية هذه الأشجار تتعدى كونها للزينة إلى زيادة المسطحات الخضراء وزيادة نسبة الأكسجين في الهواء وتلطيف الأجواء وتوفير مساحات واسعة من الظلال. وتناقل مهتمون بهذا الشأن مناشدات الكاتب والأكاديمي سعود كاتب الذي أطلق حملة بعنوان (أوقفوا تقزيم الأشجار) وقال: تحولت الحدائق العامة في مدينة جدة عن بكرة أبيها تقريبا الى أحراش وأشجار ميتة لم يتم ريها والعناية بها من شهور، لدرجة أن بعضها طالت حتى تجاوزت أرصفة المشاة الى طريق السيارات مشكلة خطرا لا يستهان به على سلامة الناس. وأضاف: ما يحدث لحدائق جدة أمر يدعو للعجب، فقد مات أكثر من نصف أشجار المدينة عطشا، والباقي أصابه التشوه والذبول وشارف على الموت، وأنا هنا لا أتحدث عن شجيرات صغيرة يمكن تعويضها، بل عن أشجار ونخيل استغرق نموها سنوات طويلة، كما أني لا أتحدث عن بضع نخلات وأشجار ولا حتى عن العشرات منها، ولكني أتحدث عن غالبية أشجار جدة ونخيلها وجميع حدائقها العامة. مقابر الأشجار ضرب كاتب مثالا بشارع «الأمانة» وشارع «إبراهيم الرقي» المتفرع منه والذي كان عليهما أكثر من 200 نخلة كبيرة ذبلت جميعها وماتت تماما لعدم ريها لشهور عديدة. إذا كان شارعان فقط ماتت فيهما أكثر من 200 نخلة كبيرة، فلكم أن تتخيلوا إذن حجم «المجزرة» التي تتعرض لها نخيل وأشجار عروس البحر الأحمر. وذكر أن للعشب قصة أخرى، إذ قام المقاول بزراعة النجيلة الطبيعية الجميلة والمكلفة على امتداد طريق الملك، والتي سرعان ما اختفت بسبب سوء العناية وانتشار النباتات الطفيلية بكل شبر فيها، مضيفا «الغريب أن هذا الطريق أزيلت منه شبكة الري القديمة وتم استبدالها بشبكة جديدة منذ شهور»، لافتا إلى أن الأنابيب القديمة لم تعمل يوما ومثلها الجديدة، حيث كان ري الأشجار ولايزال يتم بواسطة الصهاريج التي لا تعتبر وسيلة مناسبة لري النجيلة الطبيعية، ناهيك عن خطورتها البالغة على قائدي السيارات. وناشد كاتب الأمانة بضرورة إدراك المسطحات الخضراء والأشجار، مشيرا إلى أن أشجار جدة أصبحت تموت واقفة، وأن حدائقها باتت مقابر لتلك الأشجار. تجربة فريدة في المقابل يلحظ المتتبع لأحوال الحدائق الخاصة العناية التامة بها وعدم تأثرها بتقادم السنين، إذ إنها تجد الحماية والرعاية بشكل مستمر، الأمر الذي جعلها في منأى عن العبث والتلف، وعلى سبيل المثال فقد لاقت الحديقة النسائية التي تعد الأولى جنوبجدة إقبالا غير مسبوق من سيدات المحافظة، وهي تابعة لجمعية أصدقاء حدائق جدة وتتميز بخصوصية وتصميم منفرد لتكون متنزها نموذجيا مخصصا للنساء والأطفال بما تحويه من مساحات خضراء واسعة وممرات مشي بطول 500 متر وملاعب أطفال وخيمة مجانية للمناسبات تتسع لألفي شخص ومسرح مفتوح ليعطي لها الأثر في تعزيز التواصل والترابط الأسري والاجتماعي وسميت الحديقة باسم «أميرة طرابلسي» لأنها وهبت الأرض كمتنفس لأهالي الحي حيث عملت سيدات المجتمع في جمعية أصدقاء حدائق جدة للشراكة بين القطاع الخاص والعام بإنشاء هذه الحديقة التي تقوم بدورها الاجتماعي من خلال تنظيم الندوات التوعوية والدروس والمحاضرات العلمية والطبية وتشجيع الأطفال على القراءة وحب الاطلاع بالإضافة إلى تقديم برامج الوعي البيئي والحفاظ على نظافة المرافق العامة. الشبان محمد السالمي وريان أبو صادق ومعهما علي الغامدي طالبوا بضرورة الاهتمام الفائق بتوفير المساحات الخضراء بشكل أكبر للعائلات وأخرى للشباب بالإضافة إلى توفير الدرجة القصوى من الرعاية بالحدائق حماية لها من أي تلف أو عطب قد يحل بها مستقبلا، والحرص على عدم ريها بمياه المجاري الآسنة التي باتت تهدد صحة وسلامة الأسر والاطفال فضلا عن تهديدها المباشر للبيئة بصورة مستمرة. من جهته، أوضح مصدر في أمانة جدة أن هناك خطة لافتتاح المزيد من الحدائق الخضراء في كافة الأحياء، إضافة إلى تزويد بعضها بوسائل الترفيه للأطفال والمتنزهين، لافتا إلى أن الأمانة كانت تفتتح بمعدل حديقتين أسبوعيا، إلى أن هدأت وتيرة العمل بسبب وجود بعض المشاريع وأن العمل على افتتاح هذه الحدائق سيعود كما كان عليه قريبا بشكل قوي في كثير من الأحياء، مشيرا إلى أن الأمانة أنجزت في الفترة القريبة الماضية افتتاح حدائق كثيرة في شمال جدة والأحياء الواقعة شرقي المحافظة، وأفصح أن الأمانة سوف تعلن في حينه افتتاح حدائق أخرى، فضلا عن الانتهاء من بعض الحدائق التي لاتزال في مراحلها النهائية وتجري عليها اللمسات الأخيرة حاليا. عقوبات ومخالفات المصدر أكد أن الحدائق باتت مطلبا هاما لكل حي، خصوصا في المواسم والإجازات والاعياد حيث يزيد الاقبال عليها ويتضاعف إذ إن الحدائق مهيأة أساسا لسكان الحي، لافتا إلى أن هناك حدائق أكبر سعة ومساحة في مواقع معينة مثل الواجهة البحرية والكورنيش الشمالي والأوسط. وعن نوعية المياه المستخدمة لري الحدائق، أوضح أن الأمانة أوكلت هذه المهمة لمقاول مختص يتولى سقي الحدائق والأشجار بمياه صالحة ومعالجة، في حين أن الأمانة ستوقع الجزاء المناسب بالمقاولين المخالفين في حال حصول أي مخالفة وذلك وفق بنود واردة في العقد. وأشار إلى أن الأمانة ترحب بأي ملاحظات من قبل الأهالي سواء من خلال الإعلام أو البلاغات على رقم 940 أو التطبيق الخاص على الهواتف الذكية، مبينا أن أبواب الأمانة مفتوحة وصولا إلى خدمة المواطن والمقيم بشكل أمثل. 75 حديقة الجدير بالذكر أن إدارة الحدائق والتشجير بأمانة محافظة جدة تعمل على تنفيذ 75 حديقة عامة من خلال 5 مشاريع لإنشاء الحدائق وجار تنفيذها بمختلف أحياء جدة موزعة بين شمال ووسط وشرق وجنوب المحافظة بالإضافة إلى إنشاء متنزه بحري بمنطقة ذهبان تبلغ مساحته أكثر من 120,000م2 فيما سيتم إنشاء 8 ساحات بلدية، كما أن إجمالي عدد الحدائق المنجزة بلغ أكثر من 521 حديقة على مساحة إجمالية 2.420.351م فيما سيصل عدد الحدائق المستقبلية وفق خطة الأمانة القصيرة إلى 75 حديقة على مساحة إجمالية 40.500م. وتسعى الأمانة من خلال خطة طويلة المدى لمدة 10 سنوات مقبلة إلى إنشاء 150 حديقة عامة بواقع 15 حديقة كل عام بالإضافة إلى تحسين وتطوير المحاور الرئيسية.