أكد إمام وخطيب المسجد الحرام فضيلة الشيخ الدكتور سعود الشريم أن التغابي أو التغافل المحمود هو ما حمل في طياته معنى السماحة واللين وغض الطرف، مشيرا إلى أنه كلما افتقر التغابي إلى هذا المعنى، فإنه سيصبح حينئذ جزءا من المشكلات لا جزءا من الحلول ويؤدي ذلك لكثير من الخصومات والأحقاد والتربص بالآخرين. وقال، في خطبة الجمعة بالمسجد الحرام أمس: «ليس من الفتوة التشبث بزلات الآخرين والفرح باستحصالها على وجه التتبع والحرث في أرض النوايا وحملها أكثر مما تحتمل، بالتغافل يلقم المرء خصمه حجرا ويزيده وجعا إلى وجعه، وربما مر على لئيم طبعه وهو يسبه فيمضي كأن لم يسمعه ولسان حاله يقول ربما قصد غيري» . وزاد «إن المرء العاقل هو الذي يستحضر على الدوام عدم كمال الحياة التي يعيش فيها الناس، ويستحضر على الدوام أيضا عدم كمال الناس أنفسهم، وأن النقص يعتريها ويعتريهم، وأن من سره شيء ربما ساءته أشياء، وأن لكل زلة وهنات، فمن ذا الذي ترضى سجاياه كلها، ومن ذا الذي ساء قط، فإن لكل نفس حية طبعا أصيلا لم يطرأ عليه ما يغيره، فكان لزاما أن تتفاوت النفوس في درجات الثبات والهدوء والأناة والصفاء أمام المثيرات» . وأضاف أن التغافل هو من باب القوة لا الضعف والحلم لا العجز والصبر لا الخور؛ لأن اتساع الأذن لكل مسموع واتساع العين لكل مرئي كفيلان بتكدير الصفو وتفريق المجتمع، ونصب خيام الظن في القلب وسط عواصف الشكوك والمحن والشحناء والبغضاء، فلا مناص حينئذ من التغافل والتغابي أحيانا حتى تسير القافلة بأمان، فإن كثرة الالتفات من معوقات الوصول السريع ومن أخذ بكل زلة على كل أحد فلن يبقى له في الدنيا زوجة ولا أخ ولا صديق ولا جار. وأوضح أن التغافل أدب جميل يحمل صاحبه على تعمد الغفلة والتغابي مع علم بما هو متغافل عنه جلبا لمصلحة راجحة أو درءا لمفسدة راجحة أيضا، وهو خلق نبوي كريم، فقد قال الحسن البصري رحمه الله: (ما استقصى كريم قط)، قال الله عن نبيه حين أخطأت بعض أزواجه «وإذ أسر النبي إلى بعض أزواجه حديثا، فلما نبأت به وأظهره الله عليه عرف بعضه وأعرض عن بعض» . في خطبته، تحدث إمام وخطيب المسجد النبوي الشريف الشيخ صلاح البدير عن حال الإنسان بعد رمضان، محذرا من العودة للوراء والانتكاس بالرجوع إلى المعاصي، وأن ذلك لا يليق بالمؤمن، بل الذي يفترض الثبات على الحسنات وإتباعها بالحسنات، وأن حياة المسلم كلها طاعة لله في حركاته وسكناته، وأن على المرء أن يراقب الله في حياته كلها فيجعله نصب عينيه ليكون عابدا وساجدا وتاليا كما كان في رمضان. وفي خطبته الثانية تحدث فضيلته عن فضل صيام الست من شوال، مؤكدا أن ذلك ثابت ثبوتا قطعيا، وأن من فعل ذلك فكأنما صام الدهر كله، منبها على بدعية الاحتفال بصيامها واتخاذ ذلك عيدا، وهو ما يسمى عند البعض بعيد الأبرار، مشددا على أنه ليس من الإسلام في شيء، وأبان جواز صيامها متصلة أو متفرقة في أول الشهر أو آخره. وفي ختام خطبته دعا الله أن ينصر المسلمين ويحيطهم بعنايته ورعايته.