قدر مختصون الدعم الحكومي للسلع الاستهلاكية بما يقارب 300 مليار ريال سنويا. وقالوا، إن نسبة كبيرة من هذا الدعم تتركز على قطاع الطاقة والمحروقات. واتفق الخبراء على الرقم الهائل الذي تتحمله الميزانية العامة للدولة بحاجة إلى ترشيد لضمان وصول الدعم إلى مستحقيه الحقيقيين، دون هدر لموارد الدولة مع مراعاة الفئات الاجتماعية المحتاجة. ومن الناحية الاقتصادية، أوضح الخبراء أن التسعير التجاري للسلع المدعومة سيؤدي إلى عدد من التأثيرات على قطاعات عديدة، سواء البتروكيماويات أو العلفية أو الطاقة. وطالبوا بضرورة دراسة أي خطوة وتأثيراتها الإيجابية والسلبية على مختلف القطاعات الاقتصادية والفئات الاجتماعية قبل البدء في اتخاذ أي قرار في هذا الشأن. وبين الخبير الاقتصادي ورئيس الجمعية السعودية للإدارة الدكتور عبدالله الشدادي أن حديث وزير المالية الدكتور إبراهيم العساف في القمة الاقتصادية لدول مجموعة العشرين التي عقدت في أستراليا قبل 8 أشهر؛ وإشارته لاحتمالية تخفيض الدعم، مع إعلان وزارة التجارة بتخفيض الدعم عن 31 نوعا من الأعلاف إشارة واضحة لاحتمالية خفض أو رفع الدعم عن بعض منتجات البتروكيماويات والطاقة. وبين أن الميزانية المخصصة للدعم سنويا تقارب 300 مليار ريال، وأكثر من نصفها تخصص لدعم الطاقة، وأشار إلى أن خفض الدعم قد تلحقه عدة تبعات أهمها زيادة أسعار الكهرباء والماء؛ لارتباطهما المباشر بالديزل؛ لكن هذه الخطوة من المؤكد أنها لن تتم إلا بعد دراسات تقوم بها الجهات المختصة، فالطاقة مكون أساسي لكل السلع والخدمات، وأي تغيير في سياسة الدعم يؤثر على السلع بالصعود؛ مشددا في هذه الحالة على ضرورة أن يكون التخفيض أو الرفع تدريجيا مع أهمية وضع برامج اجتماعية توعوية، كبرنامج «كفاءة الطاقة». وأفصح الشدادي عن أن هناك نقطة هامة يجب التركيز عليها، وهي أنه إذا خفض أو رفع الدعم عن بعض المنتجات البتروكيماوية فإن هذا يتطلب خطة اقتصادية محكمة ومدروسة، للبعد عن أي أزمات اقتصادية، فلابد من التنبه إلى أن خفض الدعم أو رفعه سيؤثر بشكل مباشر على الأسهم السعودية تأثيرا كبيرا، وقد يتكرر فيها ما حدث في 2006م. وأوضح أن خفض الدعم يعد نقطة هامة لأن بعض المنتجات البتروكيماوية تصدر للخارج بطريقة غير مباشرة، وهنا يصبح الدعم للمستهلك أو المستثمر للخارجي، فتأثير هذا الخفض للدعم وخاصة في قطاع البتروكيماويات دون وضع خطة مدروسة عميقة سيسهم بشكل مباشر في ضعف سوق الأسهم المحلي، فشركة سابك من أكثر الشركات المستفيدة من هذا الدعم الحكومي، وحصتها تقارب ال 17 % من القطاع الصناعي المحلي، وأي انخفاض في سعر سهمها سيقود سوق الأسهم السعودي للانخفاض مباشرة، لكونها المحرك الرئيسي للسوق، ما يضعف قيمة بقية الأسهم في جميع القطاعات ال 16، التي بدورها ستؤثر على الشركات المنافسة لها في نفس القطاعات غير المدرجة بالسوق. من جهته، أوضح الأكاديمي والاقتصادي الدكتور لؤي الطيار أن رفع الدعم عن الطاقة والوقود سيؤدي لتقليل عمليات الهدر غير المبررة في استهلاك الوقود كما يحدث حاليا، وسيصحبه ارتفاع في بعض المنتجات الأخرى؛ كعمليات النقل البري وكثير من الصناعات التي يعتمد الكثير منها على الديزل؛ ما قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار بعض السلع، ومن أمثلة السلع المحتمل ارتفاع أسعارها بشكل متوسط المنتجات غير الغذائية ومواد البناء والتشييد. ونوه إلى أن مصادر الطاقة تعد مصدرا ليس متجددا، محذرا من النتيجة التي ستحدث في حال استمرار نسبة الزيادة في كمية الاستهلاك المحلي، والتي من المتوقع أن تؤدي في النهاية إلى عدم تصدير النفط والاكتفاء بتغطية الاستهلاك المحلي. وطالب إن كان هناك تخفيض للدعم أن يكون ذلك تدريجيا للدعم، وأن يسبقه توعية مكثفة حتى لا نعالج المشكلة من جهة ونخلق مشكلة أخرى، فالهدف الرئيسي تخفيض الكميات المستهلكة من الأفراد في السوق المحلية بما يؤدي إلى تحسين كفاءة الاستهلاك من جهة، مع الحد من تكلفة الدعم على الخزانة العامة للدولة من جهة أخرى وهو ما يؤدي إلى تحسين كفاءة أداء الاقتصاد الوطني.