تأسست وزارة الخارجية أول وزارة في المملكة العربية السعودية قبل وزارة المالية بعامين في عام 1349ه 1930م على يد الملك فيصل بن عبدالعزيز يرحمه الله، وكان هو الابن الثالث للمؤسس (طيب الله ثراه). منذ تأسيسها ترأسها الفيصل من 1930م حتى 1960م أي ثلاثين سنة وهو وزير للخارجية. ومن أطيب ذكرياتي وفق ما رواه لي والدي (يرحمه الله) أن الملك فيصل كان لوالده بمثابة رأس الرمح فكان عندما يصدر مراسيمه أي الملك عبدالعزيز كان يوجهها إلى ابنه فيصل بعناية «جناب ابننا فيصل رئيس مجلس الوكلاء حيث لم يكن لدينا آنذاك أي وزارة وكانت دوائر الدولة تسمى وكالات، وكالة الخارجية ووكالة المالية إلخ فكان الملك فيصل في عهد المؤسس هو رئيسا لمجلس الوكلاء. ومن أوراق والدي التاريخية التي في حوزتي المرسوم الملكي الصادر من المؤسس برقم 381 وتاريخ 11/4/1351ه على أوراق الديوان الملكي الرسمية، عندما كانت هذه البلاد تحت مسمى «مملكة الحجاز ونجد وملحقاتها» يقول المرسوم: من عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل إلى جناب المكرم رئيس مجلس الوكلاء الابن فيصل سلمه الله. هكذا كان الملك فيصل لأبيه المؤسس (يرحمهما الله) ظل الملك فيصل وزيرا للخارجية حتى عام 1960م ثم انتقلت الوزارة إلى معالي الأستاذ إبرهيم بن عبدالله السويل لمدة عامين فقط ثم عاد مرة أخرى الملك فيصل لوزارة الخارجية من عام 1962م حتى عام 1975م عندما رحل لربه وبهذا ترأس الملك فيصل وزارة الخارجية 43 سنة ثم عين صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل من عام 1975 إلى عامنا الحالي أي 40 سنة وسار على خطى أبيه حتى رحل لدار الخلد. هكذا كانت ثمار توجيهات أولي الأمر ابتداء من المؤسس مرورا لابنه أبي فهد (أطال الله في عمره). من الذكريات الشخصية عن الفيصل كانت صلة والدي بالملك فيصل فقد رافقه في سفراته لدول العالم ومن ما أتذكره رحلة الملك فيصل إلى المملكة المتحدة البريطانية فكان والدي برفقة الملك فيصل يقوم بمهام الترجمة للغة الإنجليزية وقد كان من ضمن موظفي وزارة المالية. كذلك في عهد الملك فيصل تقدم والدي بتقرير «تضارب المعدنين» أي الذهب والفضة فكان في التداول الريال الفضة وبه كمية ليست بقليلة من معدن الفضة والجنيه الذهب. وجد والدي أن الفضة والذهب كعملة نقدية بها خسارة مالية واقتصادية على الدولة حيث كان بعض التجار يخزنون الريالات الفضة حتى يرتفع سعر معدن الفضة إلى حد عال فيصهرون الريالات ويخرجون منها الفضة ويبيعونها كفضة فكانت خسارة اقتصادية ومالية على الدولة. اقتنع الملك فيصل بتقرير ومبررات والدي، أصدر أمره بإلغاء الريال الفضة من التداول وبدل بعملة ورقية. أما علاقتي الشخصية فكانت مع ابن الفيصل (يرحمهما الله) صاحب السمو الملكي الأمير سعود الفيصل فقد تشرفت بأن أكون طبيبا استشاريا لوالدته (طيب الله ثراها) عفت الثنيان. من هنا تعرفت عن قرب على الأمير سعود وأذكر أنني رافقت والدة الأمير سعود وباقي أبنائها وبناته وأحفادها في رحلة بحرية في إحدى أعياد الأضحى لمدة أسبوع على متن ما كان بمسمى «يخت الرياض». ومن ذكريات هذه الرحلة أن الأمير سعود صمم على أن يصطاد قرش ذات «البطن البيضاء» وهو من أخطر وأكبر أنواع القروش. وفعلا بعزم ومثابرة الأمير سعود لم تنته الرحلة إلا ومعنا على اليخت ذات القرش بطول 250 سم وأحتفظ بكل سعادة وذكرى غالية بصور لهذا القرش ونحن جميعا بجانب سمو الأمير سعود. يرحمكم الله يا فيصل ويا ابن الفيصل ويسكنكم فسيح جناته.