هلل الكثيرون وتجهم الكثيرون، لكن بين المهللين والمتجهمين، هناك بائس واحد اسمه المرشد علي خامنئي، هذا المرشد وهو يتبلغ صيغة الاتفاق النهائي بين نظامه ودول الخمسة + واحد، كاد يبتلع لسانه ويحطم أصابع يديه من شدة الغضب. لقد فقد المرشد وكل مرشد سبقه شعار الثورة التي ادعوها، بداية من العاصمة الفرنسية باريس أرض المنفى وصولا إلى مطار طهران الدولي بداية الكذبة. بعد اليوم شعار الموت لأمريكا لم يعد مطروحا، ولن يكون المرشد أو من سيرشد من بعده بقادر أن يسمع أو يسمح للجماهير أن تهدر به، فالشعب الإيراني الذي شاهد وزير خارجيته محمد جواد ظريف يعانق جون كيري ويقبله تقبيلا عميقا لن يقبل أن يضحك عليه أحد بالموت لأمريكا، والشعب الإيراني الذي شاهد هذه القبل وهذه الحميمية بين كيري وظريف لن يصدق بعد اليوم الحديث عن مؤامرات أمريكية في فلسطين واليمن والعراق وسوريا، فالمرشد القابع في حزنه وبؤسه يدرك تماما أن الشعب الإيراني قد شاهد كيف سقط القناع عن القناع - بالإذن من محمود درويش -، وكيف أن يد هذا المرشد قد سقطت إلا أنه لا يمكنه التقاطها. المرشد كاد يبتلع لسانه، فكل أكاذيبه حول قدسية الملف النووي وكل أهازيجه حول إيران الكبرى سقطت في فيينا، وإن كانت الأغنية الشهيرة تقول «ليالي الأنس في فيينا» فإن ما وصل إلى المرشد هو أن ليالي البؤس في فيينا. إيران يريد البعض أن تكون دولة تشبه كل الدول، وقد سعوا إلى الوصول لهذا الاتفاق، أما المرشد كان يريد أن تكون إيران لا تشبه أحدا، فكاد يبتلع لسانه بسبب هذا الاتفاق. الاتفاق الموقع يكاد يجعل إيران تشبه حسن روحاني بعدما سعى المرشد أن يجعلها تشبه قاسم سليماني.