أكد الدكتور صالح بن عبدالله بن حميد، إمام وخطيب المسجد الحرام والمستشار في الديوان الملكي، أن الدين الإسلامي وسط في الأحكام والعبادات، فالتكاليف في حدود الاستطاعة، لم يكلفنا الله عز وجل إلا في حدود قدرتنا (لا يكلف الله نفسا إلا وسعها) في الصلوات، في الزكاة، في الصيام، في الحج، في سائر المطلوبات الشرعية، بل الذين أرادوا أن يشددوا على أنفسهم في العبادة، نهاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ووقف منهم موقفا شديدا، كما في قصة الثلاثة الذين جاءوا إلى بيوت النبي صلى الله عليه وسلم يسألونه عن عبادته: (فكأنهم تقالوها، فقال أحدهم: أما أنا فأصلي ولا أنام، وقال الآخر: أصوم ولا أفطر، وقال الثالث: لا أتزوج النساء، فقام النبي صلى الله عليه وسلم خطيبا، فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: ما بال أقوام يقولون كذا وكذا، أما أنا فأصلي وأنام، وأصوم وأفطر، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي، فليس مني). وأضاف: هو دين وسط في التكاليف، بل -في التكاليف- إذا طرأ عليك ظرف خفف الله عليك، فإذا جاء ظرف سواء أكان شاقا أو في الأسباب التي قررها الشرع كالسفر مثلا، قد لا يكون شاقا، لكن لو حصل ظرف شاق فإنه يأتي التخفيف. فإذن، التكاليف وسط، ولهذا المداومة على العبادة تكون في حدود ما تطيق (عليكم من العمل ما تطيقون، فإن الله لا يمل حتى تملوا)، و(أحب العمل إلى الله ما داوم عليه صاحبه، وإن قل)، ولهذا ابن الجوزي رحمه الله يعلق على قضية المداومة، فيقول: إنما أحب الله الدائم لمعنيين: أحدهما: أن التارك للعمل بعد الدخول فيه كالمعرض بعد الوصل، فهو متعرض للذم، ولهذا ورد الوعيد في حق من حفظ آية، ثم نسيها، وإن كان من قبل حفظها لا يتعين عليه. ثانيهما: أن مداوم الخير ملازم للخدمة، وليس من لازم الباب في كل يوم وقتا كمن لازم يوما كاملا، ثم انقطع.