في كل مفاوضاتها والتصريحات العنترية لقادتها تؤكد طهران أنها ترفض وأنها لن تقبل وأنها سوف تنسحب من المفاوضات، كما أنها في مواقف أخرى تعلن التحدي فلا تفتيش لسفنها ولا اعتراض لبوارجها مهددة من يعترضها بالويل والثبور وعظائم الأمور، ثم يذوب كل رفضها وعنتريات ساستها كما يذوب الثلج المصهور تحت أشعة شمس الخليج، ومع ذلك فلا أحد من العناترة يشعر بأي خجل أو حرج بل إنه يقدم نفسه لشعبه وللمغررين به من المغفلين على أنه بطل استطاع إملاء إرادته على الدول الكبرى ناهيك عن إملائها على الدول الصغرى أو المتوسطة الحجم، وقد حصل ذلك من قبل في مفاوضات الغرب مع إيران حول ملفها النووي الذي اضمحل من حيث القوة والكمية والنوعية حتى غدا مجرد مشروع للطاقة السلمية النووية وها هم الساسة الإيرانيون أنفسهم يرفضون رفضا قاطعا القيام بتفتيش منشآتهم النووية العسكرية أو استجواب علمائهم العاملين في المجال النووي، ولكن المتوقع أن يذوب هذا الاعتراض كما ذاب من قبل غيره من الاعتراضات الساخنة التي سريعا ما تبرد ويتحول القط إلى فأر صغير يهز ذيله ويلعق عسل رفع العقوبات وهو يلوح بعلامة النصر التي هي في الأصل شعار غربي !! أما بوارجه وسفنه في الخليج وفي بحر العرب فقد ملأت طهران الجو ضجيجا بأنها لن تسمح لكائن من كان بتفتيش سفنها المتوجهة إلى ميناء الحديدة، وأن بوارجها المصاحبة للسفن سوف تدمر من يفكر في اعتراض تلك السفن وأن طائراتها المتوجهة إلى صنعاء سوف تهبط في المطار عنوة لتفرغ ما بداخلها من سموم ومصائب تحت شعار صناديق الإغاثة والأغذية، ولكن زئيرها تحول بعد أيام قليلة إلى مواء غير مسموع لأن السفن وجهت إلى ميناء جيبوتي وتم تفتيشها وتفريغ حمولتها لتكون تحت تصرف الأممالمتحدة، أما طائراتها فلم تعد تكرر المغامرة التي قام بها طيار مدني للهبوط في صنعاء بعد أن أحاطت به طائرات الصقور لتجبره على إعادة التحليق والخضوع لإرادة «عاصفة الحزم» فحلق مرغما وعاد من حيث أتى بعد أن فتشت الطائرة وكانت الكلمة العليا لرجال التحالف ! ومع كل ما تبين لذوي الألباب من ادعاءات وعنتريات فارسية هدفها الاستهلاك المحلي والتغرير بالأتباع حتى يندفعوا ويضحوا بأرواحهم قرابين لمطامعها فإن العديد من السذج لم يزالوا يعتقدون أن إيران دولة لا تقهر وأن باستطاعتها إلحاق الهزيمة بالعالم أجمع وبذلك اجتمع المتعوس على خائب الرجاء !