يشكل الدواء سلاحا قويا في يد الأطباء لعلاج العديد من الأمراض (مع الحمية والرياضة) ولكنه سلاح ذو حدين يمكن أن يضر إذا استعمل بطريقة غير سليمة. ومع الأسف أن عددا لا يستهان به من المرضى في بلادنا، وفي غيرها من العالم الإسلامي، لا يأبهون باستشارة أطبائهم عن كيفية استعمال الدواء في رمضان ولا أنكر اننا، معشر الأطباء، نشاركهم التقصير بعدم مبادرتنا لتوعيتهم. وبعض المرضى قد يتوقف عن العلاج او يحذف جرعات النهار من علاج يؤخذ بعدة جرعات يوميا، وقد كادت مثل هذه التصرفات أن تودي بحياة بعض المرضى، فترى المريض الذي أصيب بتشنجات متتابعة خطيرة لإيقافه جرعة من علاج الصرع، ومرضى ادخلوا للعناية المركزة لدخولهم في نوبة ربو خطيرة لعدم استعمالهم لبخاخ الربو في النهار «وقد افتت اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء بترجيح ان بخاخ الربو لا يفطر، وبذلك أفتى الشيخ بن عثيمين يرحمه الله». ويستطيع الطبيب أن يغير نوع الدواء أو يختار منه تركيبة بطيئة الامتصاص طويلة المفعول ليتناسب العلاج مع رمضان. ويتأثر امتصاص الدواء وبقاؤه في الجسم بعدة عوامل مثل الأكل وتغيير نشاط الإنسان ونظامه اليومي، واستعمال أدوية أخرى تتفاعل معه وحالة بعض الأعضاء الحيوية في الجسم مثل الكبد والكلية. ويستطيع الطبيب تحديد ما يمكن عمله من تغييرات ليصبح العلاج مناسبا. وتوصي المؤسسة الوطنية لسلامة المرضى بأمريكا كل مريض أن يسأل الفريق الطبي قبل خروجه من المستشفى الأسئلةالتالية : 1 هل هذا هو الدواء الذي وصفه لي الطبيب ؟ 2 لماذا يستعمل هذا الدواء ؟ 3 كيف استعمله ؟ وهل يمكن أن يمضغ أو يهرس أو يذاب أو يخلط مع غيره ؟ 4 متى استعمله وفترة استعماله ؟ 5 هل يمكن أخذه مع الطعام ؟ وهل علي تجنب أي نوع من الغذاء معه ؟ 6 ماذا يمكن أن يسبب من مضاعفات ؟ 7 هل يمكن ان يتفاعل مع الأدوية الوصفية أو غير الوصفية أو المكملات الغذائية ؟ ومعرفة الإجابة عن هذه الأسئلة تحقق الاستفادة من الدواء وتقي، بإذن الله، من المضاعفات والأخطاء الطبية في الأدوية. ومعظم هذه الاسئلة يمكن ان يجيب عنها الصيدلي الإكلينيكي. وعندما كان طلاب الصيدلة السريرية بجامعة الملك عبدالعزيز يتدربون لدي في مستشفى الجامعة كنت أسعد بوجودهم وأثني دائما على ما لمسته منهم من دور إيجابي ضمن الفريق الطبي في اختيار الدواء المناسب واكتشاف تفاعلات الأدوية في ما بينها. ومع الأسف أني قد وجدت لاحقا أن دورهم في العديد من المستشفيات الحكومية محدود، ولا مشاركة لهم في المرور على المرضى في الاقسام الداخلية وليت الوزارة تتبنى تفعيل دور الصيدلي السريري. الأدوية المفقودة من فترة لأخرى نجد بعض الأدوية الهامة غير متاحة في الصيدليات الخاصة مثل: carbimazole وpropylthiouracil وcolchicine وamitrityline وغيرها، ومر علي العديد من المرضى المحتاجين أجد صعوبة في مساعدتهم للحصول عليها، وغالبية هذه الأدوية رخيصة الثمن، وقد كتبت عن هذا الأمر من قبل عند فقد أدوية مثل thyroxine و prednisolone، ولست أدري ما الذي يمنع وزارة الصحة والهيئة السعودية للغذاء والدواء من التعاون لتيسير شراء هذه الأدوية لكل من يحتاج إليها؟ سوء استخدام «ليريكا» وجهت الهيئة السعودية للغذاء والدواء مؤخرا بضرورة منع مستحضرات بريجابالين مثل (ليريكا) من الصيدليات الخاصة واقتصار صرفها على المستشفيات الحكومية والخاصة ومراكز الرعاية الصحية الحكومية لوجود سوء استخدام له، وهذا قرار صائب وتقنين من يصرفه موفق جاء في وقته. ولكني أعتقد أن الأمور لم تكن لتصل إلى هذه المرحلة لو أن قرار عدم صرف الأدوية الوصفية من الصيدليات إلا بوصفة طبية كان قد طبق بشكل حازم مع تشديد الرقابة لاكتشاف المخالفين وإيقاع العقوبة المناسبة عليهم، وقد وجدت بنفسي كيف أنه في بريطانيا وأمريكا لا يحلم أحد بالحصول على دواء وصفي دون الوصفة، وأنا منذ سنوات ألاحظ بين الفينة والأخرى امتناع الصيدليات عن بيع المضادات الحيوية وغيرها من الأدوية الوصفية دون وصفة لمدة محدودة، ثم لا تمر أسابيع قليلة حتى تعود الأمور كما كانت. وآخرها بعد الفترة القريبة من التشديد على هذا الأمر رأيت الالتزام ثم نقص بعد أسابيع قليلة ووجدت بعض الصيدليات يصفون المضادات ويصرفونها للمرضى مباشرة، وعندما أحدث الصيدلي (وانا كما اسلفت احترم جميع الصيادلة) وأسأله عن ما يفعل يقول إن المريض كان يستعمل الدواء لفترة أو هو مستمر عليه وغيرها من الحجج الواهية حتى أصبحت أكره دخول الصيدليات حتى لا أواجه هذه المخالفات التي لا أملك تغييرها إلا بلساني وأرجو أن لا يصل الأمر إلى الانكار بالقلب، وأذكر الزميل الصيدلي بواجبه أمام الله حتى لا تفقد هذه المضادات فعاليتها. أرجو واتمنى التشديد في مراقبة بيع الادوية الوصفية دون وصفة طبية.