كشف تقرير وزارة الخارجية الأمريكية السنوي عن الإرهاب في العالم (2014)، بأن سوريا تصدرت العالم في عدد الوفيات الناجمة عن الإرهاب بنسبة 80%، وأن الإدارة الفاشلة في اليمن وسوريا وليبيا والعراق خلقت بيئة مواتية لظهور التطرف والعنف.. وقبل صدور هذا التقرير بأيام صوتت لجنة الاستخبارات في الكونجرس، بالإجماع ، على خفض التمويل السري لعمليات وكالة الاستخبارات المركزية (CIA) في سوريا بنسبة 20 % .. ورأى بعض المعلقين أن هذا التخفيض يعكس عدم ثقة الكونجرس وشكه المتنامي في فعالية برامج الوكالة في سوريا، وضعف سياسة الرئيس باراك أوباما لمعالجة القضية السورية التي كانت واحدة من عثرات سياسته الخارجية. وفي حوار مع السيناتور ريتشارد بلاك، من ولاية فرجينيا، مع القناة الروسية (RT)، قال إن دمشق تمثل مركز الجاذبية للحضارة الغربية (!!) وسقوطها في يد معارضة الحكومة سيتلوه سقوط عواصم عربية أخرى على حدودها، وهذا سيؤدي إلى اندفاع تاريخي للإسلام في اتجاه اوروبا.. ولا يستبعد أن يحتل الاسلام المتشدد أوروبا (!!) .. وهذه الآراء والإشارات هي الأكثر صراحة في التعبير عن سياسة الدول الكبرى تجاه ما يجري في سوريا، فرغم الآلام ومئات الآلاف من القتلى وملايين الجرحى والمشردين وعمليات الدمار المستمرة التي يعتمدها نظام بشار، ما تزال الدول الكبرى تقف «متفرجة» على الصراع الدائر الذي يزهق الأرواح وينتهك حقوق الإنسان التي صدع بها الغرب رؤوسنا .. حديث السيناتور بلاك عن الخوف من «الإسلام المتطرف» والتحذير من سقوط دمشق والاندفاع نحو أوروبا فيه الكثير من المغالطات وخلط للأوراق وظلم للحقيقة وإساءة لصورة المعارضة السورية الوطنية التي استوعبت كل أطياف المجتمع السوري على مختلف أديانه وطوائفه ورؤاه السياسية، فهذه المعارضة وقفت ضد التشدد والإرهاب ودفعت ثمنا باهظا حتى وهي تدرك أنها تضحي بما يطيل عمر نظام بشار، الذي أثبتت الوقائع أنه شريك في الأعمال الإرهابية والمستفيد من نمو المجموعات المتشددة، فقد ساعد على توسعها، إن لم يكن أوجد بعضها، وقوى شوكتها لإضعاف المعارضة الوطنية وليتخذها ذريعة وحجة في حديثه مع الغرب بأنه هو الذي يحمي «حضارته» ويقف في وجه التطرف.. لكن لم تعد هذه الذريعة تنطلي على أحد بعدما تكشفت كل الحقائق .. والشيء الذي لم يعد خافيا هو أن إدارة أوباما تسجل فشلا ذريعا في إدارة الصراع بالمنطقة، وأن حلفاء الأسد استثمروا هذا التخبط وحاولوا أن يسوقوا موقفهم في الدوائر الغربية التشريعية والإعلامية والسياسية بان نظام الأسد هو الذي يحقق مصالحهم وأن أي نظام يأتي ليحرر الإرادة السورية لن يكون مفيدا كما هو نظام بشار.. إذن الغرب باختصار يريد نظام الأسد أو نظاما شبيها له يحفظ مصالح الدول الكبرى ومن يرتبط بها ويتظاهر بمعارضتها ومقاومتها.. لعبة مكشوفة لكنها هي المعمول بها.