لفت نظري في أحد المساجد وجود لوحة كبيرة أنيقة تقول «كن مسلما واعيا ومتحضرا.. ضع حذاءك في المكان المخصص للأحذية». حول اللوحة ذاتها تناثرت أحذية المصلين كيفما اتفق وفي كل الاتجاهات إلى درجة أن كل مصل سيقضي على الأقل خمس دقائق وهو يبحث عن حذائه التائه في هذه الفوضى العارمة. أكثر من ذلك اشتهرت بعض مداخل المساجد بسرقة الأحذية الجديدة. وقد يكون السارق بين المصلين، ما يعني أنه كشخص محسوب على الإسلام هو بعيد عنه بملايين السنوات الضوئية اعتقادا وسلوكا وتطبيقا لأحكامه القاطعة في جريمة السرقة. ناهيك عن ملابس بعض المصلين التي تصيب العين بالقرف وروائحهم التي تسد الأنوف من بشاعتها. لا أعرف كيف يأتي مسلم إلى ربه بثوب النوم أو قميصه الذي قضى فيه سحابة يومه تحت الشمس، أو يأتي برائحة مطعمه المؤذية، فضلا عن باقي السلوكيات والتصرفات التي لا تدل على أي وعي أو حضارة كما تمنت تلك اللوحة عند مدخل ذلك المسجد. نحن نعاني من أزمة أخلاق حتى في مساجدنا ومع ربنا، لأن الدين أو التدين ليس أن تفعل كما يفعل الناس وتصلي في المسجد وتزايد على ذلك. الدين أولا هو ألا تؤذي من يصلي بجانبك بسوء مظهرك وروائحك الطاردة للخشوع والتلذذ بالصلاة ممن يشاركونك المكان. مثل هذه الظواهر السيئة، بالمناسبة، لا توجد في بعض بلدان المسلمين. وقد دخلت شخصيا بعض مساجد إندونيسيا في ولاية سورابايا ورأيت أروع ما يمكن أن يكون عليه المسلم حين يحضر للصلاة: ملابس نظيفة جدا وروائح زكية من المكان والناس وهدوءا تسمع فيه دبيب النملة، وابتسامات يتبادلها المصلون وكأنهم في عرس. لقد كانت تجربة فارقة جدا إذا ما قورنت بما يحدث في مساجدنا التي وصلنا فيها إلى ترجي الناس بأن يمارسوا شيئا من الذوق ويتعاملوا مع أحذيتهم كما يليق بإنسان مسلم. ولا أظن أن ذلك سيحدث إلا إذا أيقن المصلي أن وجوده في المسجد للصلاة هو وجود عبادة وليس عادة. وقتها سيدرك أن من التأدب مع الله أن تأتيه بأزهى حلة وألا تؤذي عباده الذين يأتونه خاشعين نظيفين يحترمون أنفسهم ويحترمون غيرهم.