في عهد الخليفة الراشد عمر بن الخطاب رضي الله عنه، طلب منه شاب اسمه كلاب ابن أمية بأن يأذن له بالجهاد فلم يأذن له حتى يسمح له أبواه.. وبعد محاولات عدة مع أمه وأبيه حصل على الموافقة منهما فسمح له عمر رضي الله عنه بالذهاب للجهاد. ولكن ما لبث أن ظل والده يبكيه حتى وصل الخبر إلى عمر رضي الله عنه فاستدعى الشاب من الجهاد. فقال له عمر يا كلاب ماذا فعلت لأبيك حتى يحبك كل هذا الحب؟ قال يا أمير والله ما علمت أن أبي يحب هذا الشيء إلا فعلته قبل أن يطلبه مني ولا شيء يكرهه إلا تركته قبل أن ينهاني عنه. قال له عمر: زدني قال يا أمير المؤمنين إني لا أحلب لأبي اللبن كما تحلبونه أنتم والله إن لي مع ذلك خبرا.. فقال عمر ماذا تفعل ؟ قال آتي بالليل وأرى أي النوق مليئة باللبن ثم أغسل ضرعها بالماء البارد حتى يبرد اللبن بداخلها ثم أحلبه لأبي بطريقة معينة حتى يكون اللبن له زبد ثم أقدمه لأبي بعد صلاة الفجر.. فقال عمر سبحان الله كل هذا لأجل شربة لبن قال كلاب وغير ذلك كثير فقال عمر احلب لي من هذا اللبن الآن قال يا أمير المؤمنين أذهب إلى أبي أسلم عليه قال لا حتى تحلب. فحلب له اللبن فأخذه عمر وأمر بحبس كلاب ..ثم قال آتوني بأمية. فجاء الرجل يجر خطاه قد كبر سنه واحدودب ظهره ثم وقف بين يدي عمر قال له عمر يا أبا كلاب ما أعظم أمنية لك في الدنيا قال ليس لي فيها شيء .. قال عمر: أقسمت عليك. قال أن أرى ولدي كلاب. قال عمر سيسرك الله به إن شاء الله فخذ هذا اللبن تقوى به قال يا أمير المؤمنين ما حاجة لي فيه قال أقسمت عليك أن تشرب فمسك الإناء وقبل أن يشرب فبكى وقال إني لأشم رائحة ولدي كلاب في هذا اللبن. فقال عمر أخرجوا له ولده كلابا فسمع الشيخ كلابا فبدا يتلمس ويبكي حتى احتضن ابنه ويقبله ويجذبه إليه بقوة وعمر ينظر إليهما ويبكي وينتفض من شدة البكاء حتى أخذ طرف عمامته ويغطي وجهه عن الناس وقال يا كلاب أتريد الجنة ! إنها تحت قدم هذا الشايب وتلك العجوز.. سبحان الله ما هذا البر.. السطر الأخير : أحب مكارم الأخلاق جهدي وأكره أن أعيب وأن أعابا ومن هاب الرجال تهيبوه ومن حقر الرجال فلن يهابا