تحدثت، في المقال السابق لهذا، عن رسالة الدكتوراه التي شاركت في مناقشتها في العام الماضي - كممتحن خارجي - في إحدى الجامعات البريطانية، والتي تقدم بها طالب سعودي من طلابي السابقين، وكانت بعنوان: إطار علمي تحليلي لتحليل الأمن الوطني للدول (تطبيق على المملكة العربية السعودية حاليا).. وذكرت أن هذه الدراسة العلمية القيمة غطت، في فصولها الثمانية، موضوعها الهام بشكل موضوعي، ومن جوانبه الأهم. وكما سبق أن وضحت، خصص الفصلين الاولين ل «المدخل»، أو الاطار التحليلي المقترح لدراسة الأمن الوطني لأى دولة. وقد استقر الباحث – ومشرفه – على الأخذ بما يعرف ب «إطار بوزان» لدراسة الامن الوطني للدول. أما الفصل الثالث، فقد ركز على تعريفات «الأمن الوطني» وأبعاده، والنظريات العلمية السياسية التي تفسره، وتوضحه. والفصل الرابع خصص لتحديد وتوضيح التهديدات الداخلية التي تواجه المملكة، في الوقت الحاضر، بينما خصص الفصل الخامس للتهديدات الخارجية. وفي الفصل السادس تم إيجاز الرؤية السعودية للأخطار والتهديدات، بشقيها الداخلي والخارجي. وفي الفصل السابع تم تطبيق إطار الدراسة التحليلي لكشف، وتحديد، وتوضيح التهديدات التي تواجه المملكة داخليا وخارجيا. أما في الفصل الثامن والأخير، فتم تلخيص أبرز استنتاجات الدراسة، وأهم ما توصلت إليه. وستكون لنا وقفتان موجزتان، في هذا المقال والذى يليه، مع أبرز استنتاجات هذه الدراسة العلمية الجيدة، والتي أشرف عليها، بإتقان، أستاذ بريطاني متمرس، والتي يستحق ما ورد فيها الاهتمام من قبل مراكز الدراسات الاستراتيجية السعودية، بل وصانعي القرار الداخلي والخارجي السعودي، للاستفادة من بعض ما جاء فيها من استنتاجات علمية رصينة، وتوصيات موضوعية قيمة، لخدمة المصلحة العامة لبلادنا. *** لنسلط الضوء أولا على «المدخل» المقترح لدراسة موضوع الأمن الوطني للدول، أو الاطار التحليلي لهكذا دراسة . وبتبسيط شديد، يرى «بوزان» أن هذا الاطار يبدأ بتعريف «الامن الوطني» للدولة – أي دولة . ثم بعد ذلك، يقسم أهم «التهديدات» التي تواجه الامن الوطني - في أي بلد - إلى قسمين رئيسين : التهديدات «الداخلية»، والتهديدات «الخارجية». والتهديدات الداخلية تقسم إلى خمسة تقسيمات متفرعة، هي كالتالي: أ – التهديدات السياسية ( وهى الاهم والاخطر )، ب – التهديدات الاقتصادية، ج - التهديدات الامنية، د – التهديدات الاجتماعية، ه - التهديدات البيئية. كما تقسم التهديدات الخارجية إلى نفس التقسيمات الخمسة المتفرعة. وتم تعريف وتحديد وتوضيح كل نوع من أنواع ال «تهديد» المشار إليها، سعيا للدقة العلمية، ومنعا للتشعب، والاجتهاد غير الموفق. ويطبق هذا المدخل لدراسة مسألة الامن الوطني في أي بلد، وفى زمن معين. وذلك بكل ما يتضمنه من تعريفات وتحديدات مسبقة، ضمانا للموضوعية، وتحقيق المنهجية العلمية الدقيقة في دراسة هذا الموضوع الشائك. وقد أثبت هذا المدخل الإطارى سلامته ونجاعته ودقته في كل الدراسات المشابهة التي طبق عليها. وفي المقال القادم، نلخص – في نقاط محددة – أبرز الاستنتاجات التي خرج بها الباحث بعد أن طبق هذا المدخل الاطارى العلمي على دراسته للأمن الوطني لبلادنا العزيزة..