الانتخابات البرلمانية التركية الحالية نقلة استراتيجية على مستوى الحياة السياسية الداخلية والإقليمية، ذلك أنها من شأنها أن تغير تمركز القوى السياسية التركية وتحدد مصير حزب العدالة والتنمية ومنافسيه وبالتالي دور تركيا الإقليمي. ففي حال بسط حزب العدالة والتنمية نفوذه بأغلبية الثلثين وحصل على 46 % من أصوات الناخبين فإننا أمام تغيير نظام الحكم في تركيا إلى نظام رئاسي تقره أغلبية البرلمان وتمرره للاستفتاء الشعبي وهنا سيحدث التحول إلى النظام الرئاسي. لكن إذا حدثت مفاجأة بتقهقر العدالة ودخول حزب الشعوب الديمقراطية القريب للأكراد إلى البرلمان الذي يحتاج إلى نسبة 10 % من أصوات الناخبين، فإن الصراعات الداخلية التركية ستحجم من الدول الإقليمي التركي، خصوصا أن القضية الكردية ستكون مشرعنة داخل قبة البرلمان. وتشير استطلاعات الرأي التي تنشرها الشركات التركية المتخصصة بشكل يومي إلى أن حزب العدالة والتنمية مرشح للحصول على نسبة تتراوح ما بين 40 و48 بالمائة، وأن أكبر أحزاب المعارضة سيحصل على نسبة تتراوح ما بين 24 و28 بالمائة، يليه حزب الحركة القومية بما يتراوح بين 13 و18 بالمائة، وأخيرا حزب الشعوب الديمقراطية بحوالى 9 أو10 بالمائة. ووفقا لتقرير نشره موقع تركيا بوست، فإن حزب الشعوب الديمقراطي وضع نفسه في مأزق صعب، بعد أن قرر عدم دخول الانتخابات ضمن قوائم مستقلة كما فعل في الانتخابات الماضية، وقرر دخول الانتخابات في قوائم حزبية مما يجعله تحت طائلة قانون الحد الأدنى الذي يشترط على القوائم الحزبية الحصول على ما لا يقل عن 10 بالمائة حتى تتمكن من دخول البرلمان، وينص على عدم تخصيص مقاعد نيابية للأحزاب التي لا تتجاوز هذه النسبة. وترى صحيفة ديلي ميل البريطانية، أن هناك ثلاثة سيناريوهات للانتخابات البرلمانية التركية التي ستجرى في 7 يونيو. أول هذه السيناريوهات، نجاح حزب العدالة والتنمية بحصد الأغلبية البسيطة (276-329 مقعدا)، التي لا تمكنه من تأسيس نظام رئاسي، وهو من وجهة نظرها السيناريو الأكثر إيجابية للأسواق المالية، وهذا من شأنه ضمان الاستمرارية من دون إعطاء مقاعد لحزب العدالة والتنمية بما فيه الكفاية لتوسيع قوة إردوغان. الأمر الذي يدفع إلى تغيير سلوك حزب العدالة بالاهتمام أكثر بالجانب الاقتصادي. أما السيناريو الثاني وفقا للصحيفة فهو أن يتمكن حزب الشعوب الديمقراطي من تخطي عتبة 10 في المئة والتقط حوالى 50 مقعدا، وهذا يعني أن الخطة لرئاسة تنفيذية تحتاج إلى أن تطرح للاستفتاء بدعم حزب واحد من أحزاب المعارضة على الأقل، وهو أمر من المتوقع أن تعمل الحكومة من أجله. ما يعني أن العدالة مضطر للائتلاف (في حالة حصوله على أقل من 276 مقعدا). وهو احتمال قائم خصوصا إذا حصل حزب الشعوب الديقمراطي HDP على عتبة 10 في المئة. أما السيناريو الأخير، فهو الفوز الكاسح لحزب العدالة والتنمية بالأغلبية والحصول على (330 مقعدا أو أكثر)، وهنا ستكون مسألة النظام الرئاسي وتغيير وجه تركيا أحد أبرز الخطوات المتوقعة من حزب العدالة والتنمية.. أما الأكراد في هذه الحالة يكونوا قد خاضوا معركتهم السياسية إلى آخر حد.. والمفارقة أنه ما لم يجمع الأكراد نسبة 10 % من أصوات الناخبين، فإن كل ما سيحصلون عليه سيذهب إلى الحزب الأقوى وهو حزب العدالة.. إنها مرحلة تغيير بلا أدنى شك والكل يجب أن يتغير، تركيا من الداخل والخارج كذلك.. والانتخابات هي بوصلة تركيا المقبلة.