سلام عليكن في البدء، مثل السلام عليكن في المنتهى. *** سلام عليكن.. ما قبل الضوء وجه النهار، وما دثر الليل أسراره بالفراغ، همست لكن لكي لا تطير العصافير، كي لا أهز المساحات ما بينكن، فلم تكترثن، ولم تبتئسن، فأغضيت عيني كي لا أراكن، تأتينني مورقات كما الفجر، تأتينني مثلما وجه طفل تراءى له الرب في المهد، كالطيف لا يشعر العاشقون بألوانه، مثل أنثى استعانت بظل مواز لها في المرايا، كقطرة ماء تخلق منها الوجود، كما الطير إذ يستكين الى رغبة الحب والمشتهى. *** سلام عليكن.. تمرقن في الروح كالسهم، تقرأن ما طاب من سورة العشق، تأخذن منا الأجنة حتى تعدن صياغتها للحياة، لكن الذي كان، وجهي الذي جاء من رحلة ما أعد لها جيدا، وتر شذ عن سلم في الموسيقى، وعيني التي لا تنام سوى خلسة، مطر هارب في الخريف، خيالي المراهق، لي كل ما لم يكن، موقن أنكن ستدنين مني، وتسكن دون شعور بخفة أرواحكن، وتسمعن أنفاسكن على مرمر القلب، كل الأسامي لها منطق الطير، تكتبن أسماءكن الجديدة في دفتر موغل في البياض، لكن يداي التي أرهقتها الحقائب في طرقات من الوجد، ثوبي الذي مل مني إزاء الترحل في ملكوت الغواية، ضيفي الكسول يرى أنه شاهق في الحضور، يرى أنه صورة...... يرى أنه وطن في الغيوم، لكن الذي ليس لي، نخلة لم تجد من يشف الغواية عنها، ولون ردائي الذي جاءني في مزاج يشي بالتناقض، ما غافلته العيون، وما صدقته الظنون وما لم يقله الشجى. *** سلام عليكن.. تأتين لا قابضات على الجمر، لا مؤنسات لأقرانكن، وتشهدن أن نبوءة أرواحكن استفاضت فأرخت عليكن قدسية في المكان الذي يستوى فيه خلان لم يعبآ بالمناخ إذا مال نحو البرودة، إني أرى ما ترين، كتاب هوى خطه عابر لا يعي ما الفوارق بين الملامح، لا الرمل يظمأ في حضرة الغيم، لا ظلكن السماء اذا ما استفاقت على الضوء، لا وجهي الأرض مثاقل بالحنين، فلستن مثلي، ولست أنا من يعير الكتاب إلى غيركن، سلام عليكن في البدء، مثل السلام عليكن في المنتهى.