قال وزير الأوقاف المصري الدكتور محمد مختار جمعة إن منتدى (السماحة والوسطية لبحث آليات تجديد الخطاب الديني) افتتح أمس في القاهرة وسيخرج بوثيقة لوضع آلية لتجديد الخطاب الديني. فيما أكد وزير الثقافة المصري الدكتور عبدالواحد النبوي في افتتاح المنتدى الذي حضره مفتي مصر الدكتور شوقي علام، أن تجديد الخطاب الديني مسؤولية مشتركة تتضافر من أجل تحقيقها ونجاحها جهود كافة هيئات الدولة، فلا فرق بين تجديد الخطاب الديني وما نسعى إليه من تجديد وتطوير الخطاب الثقافي، حيث يعمل كلاهما بأدوات واحدة، وفي حقل معرفي وثقافي واحد، فعلى عاتقِ الخطاب الديني والثقافي تقع مسؤولية النهوض بمتطلبات المجتمع الحي المتجدد عبر القرون. من جانب آخر، دعا مفكرون ومثقفون عرب إلى تأسيس مدرسة فقهية جديدة من خلال تجديد الخطاب الديني الإسلامي بمختلف معطياته مع الحفاظ على الثوابت الأصلية والأخذ بالمجمع عليه عند جميع المسلمين، وأوضحوا ل(عكاظ) أن الخطاب الديني ليس هو النص المقدس، بل هو الفهم المستنبط من النصوص الشرعية. إلى ذلك، أكد وزير الثقافة المصري السابق الدكتور جابر عصفور أن الخطاب الديني في حاجة لمراجعة حقيقية، كونه خطابا ثقافيا يشتمل على خطابات متعددة؛ السياسي والديني، وكلاهما مرتبطان ببعضهما، مشيرا إلى أن الخطاب الديني جزء من الخطاب الثقافي، والثقافة لن تتقدم إلا بتقدم الخطاب الديني، وهذا لن يحدث إلا في أجواء مناسبة. من جانبه، يرى المفكر الكويتي الدكتور محمد الرميحي أن تجديد الخطاب والفكر الديني مرتبط بالاجتهاد، مشيرا إلى أنه طالما أنه لم يعد هناك اجتهاد فنحن الآن نتعلم من الذين اجتهدوا في فترة التراجع، وعندما يتوقف الاجتهاد يسيطر التقليد، داعيا إلى إقامة دراسات جديدة تتواءم ومعطيات العصر، ولا تنقل الفتوى القديمة كما هي بل العمل وفق اجتهاد جديد يأخذ في الاعتبار واقع الحال مع الحفاظ على الثوابت المجمع عليها بين كافة المسلمين، لافتا إلى أن التجديد يحتاج إلى الاجتهاد، وإعمال العقل الإنساني، وبدونهما لا يمكن تجديد الخطاب والفكر الديني. أما أستاذ الشريعة والقانون في جامعة قطر الدكتور عبدالحميد الأنصاري، فأوضح أن الخطاب الديني فشل في استثمار طاقات الشباب لبناء أوطانهم وعجز عن تقديم حلول لقضاياهم ومشاكلهم، بل إنه عمق مشاكل الشباب النفسية والاجتماعية وزادها تعقيدا، مبديا أسفه أن الخطاب الديني لم يقدم صورة حضارية للآخرين عن الإسلام، وفشل في تعزيز القيم الإنسانية المشتركة، لافتا إلى أن الطريق لتجديد الخطاب يحتاج إلى إعمال العقل، وإعمال العقل يتطلب أولا القراءة، والانفتاح على كل الأفكار، مؤكدا على ضرورة ترسيخ قيم الانفتاح والتسامح، والابتعاد عن خطابات الكراهية الانتقائية كون الخلق عيال الله وأحبهم إلى الله أنفعهم لعياله. على صعيد متصل، يرى المفكر السعودي إبراهيم البليهي أن حضارة اليوم هي الحضارة الوحيدة التي لن تزول أو تنهار عكس الحضارات السابقة التي اندثرت، ذلك لكونها تعتمد في وجودها وتطورها على سلاح النقد الذاتي لأخطائها المبني على تسليط نور العقل. وأضاف البليهي: من هنا تكتسب الحضارة وخطاباتها خاصية تجددها وازدهارها الذي نشهده اليوم، ويجب العمل على تجديد الخطاب المذهبي بمنتهى الجدية كون المعضلة المذهبية شائكة وتتطلب توجها عاما تعمل له كل المؤسسات التعليمية والإعلامية والوعظية. فيما يؤكد المفكر البحريني علي فخرو أن إشكالية الخطاب الديني تتمثل في تعدد مدارسه وتناقض المنظرين والمفتين والواعظين، داعيا العقلاء من جميع المذاهب الإسلامية إلى تبني منهج معتدل ومتفق عليه من جميع المذاهب يؤلف بين المجتمعات ويخدم البشرية، لافتا إلى أن خلاف اليوم نتاج اختلاف اجتهادات بشرية في أزمنة غابرة مضت ولسنا بحاجة إلى استجلابها اليوم وغدا لتأصيل الإحن فيما بيننا، مؤملا تبني مشروع فقهي تصالحي تدعو إليه ممثلين لكل الملل والنحل الإسلامية ليضعوا تصورا ممكنا للتعايش والتآلف بين الشعوب الإسلامية ويقدموا مدرسة فقهية جديدة تتجاوز كل الانشقاقات والخلافات التاريخية المكلفة، مؤكدا أن تجديد الخطاب ليس فيه تجاوز على الدين بذاته ولا افتئاتا على نصوصه القطعية وإنما تعامل بمقاصد الشرع وبمفهوم النص المؤصل للتعايش البشري والتكامل الإنساني.