تعقد اليوم القمة التشاورية لدول الخليج بالرياض، باستضافة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، وهذه أول قمة خليجية تعقد بعد حركة التغيير الواسعة التي شهدتها المملكة مؤخرا وإعادة التنظيم لبعض المؤسسات الهامة بالمملكة. وليس هناك شك ان القمة التشاورية الخليجية تكتسب اهمية كبرى كونها تعقد في ظروف صعبة تمر بها المنطقة وتتطلب تنسيقا خليجيا عالي المستوى. وقد سبق أن عقد الاجتماع التحضيري لوزراء خارجية دول مجلس التعاون وذكر وقتها الأمين العام للمجلس بأن القمة ستناقش الموضوعات الحيوية لمسيرة مجلس التعاون وتطور الأوضاع في المنطقة، وأحداث اليمن، وتبين من بعض التسريبات أن البرنامج النووي الإيراني سيكون حاضرا في القمة إلى جانب مواجهة الإرهاب الدولي المتمثل في داعش، والذي بسط نفوذه على مساحة كبيرة من العراق وسوريا وأخذ يتمدد في لبنان، ومن المحتمل أن يناقش اللقاء المرتقب مع الرئيس الأمريكي أوباما في كامب ديفيد، وسيكون ضيف الشرف في القمة الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند. ومن المعروف أن فرنسا أصبحت شريكا استراتيجيا للمملكة، وأن العلاقة معها في أوج ازدهارها، وتشارك فرنسا دول مجلس التعاون في اجتماعاتها بالمنطقة، وبصورة خاصة في ما يمس الوضع في لبنان وسوريا ومكافحة الإرهاب. كما أن وجود الرئيس الفرنسي في الخليج كان مناسبة لحضور القمة التشاورية، وهذه القمة تختلف عن القمة الخليجية الرسمية التي ستعقد في شهر ديسمبر من هذا العام. لقد أصبحت أحداث الشرق الأوسط موضع اهتمام دول العالم الكبرى، كما أصبحت تتعلق بأمنها القومي، لهذا لا بد من المشاركة الدولية، وبشكل خاص ما يجري في اليمن وما تقوم به إيران من زعزعة الاستقرار في الشرق الأوسط الذي أخذ ينعكس على اقتصاد وأمن دول العالم. لقد عاشت المملكة ثلاث مراحل هي مرحلة التأسيس وبدأت منذ عهد الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه، ثم مرحلة التمكين وهي التي أرساها الملك فهد عندما أصدر نظام الحكم، واليوم تبدأ مرحلة الانطلاق على يد الملك سلمان بن عبدالعزيز. ومن دواعي هذه المرحلة هي التغييرات التي أحدثت نقلة نوعية في مؤسسات الحكم والتي لاقت تقديرا شعبيا كبيرا، وعندما تستضيف المملكة القمة التشاورية لدول الخليج بالرياض فإنها تؤكد على اللحمة الخليجية وتعزيز مسيرة العمل الخليجي المشترك، وتؤكد للجميع ان مصير الخليج واحد وأمنه واحد ولا يمكن لأي جهة كانت ان تمس سيادة وامن الخليج.