في كل اجتماع للمجلس الأعلى لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، أو ما يعرف في وسائل الإعلام بالقمم الخليجية، تصدر تصريحات وإشارات إعلامية تؤكد بأن هذه القمة تعقد في ظروف بالغة الحساسية والخطورة تمر بها المنطقة والأمة العربية قاطبة، وأن هناك أخطارا غير مسبوقة تتعرض لها المنطقة بصفة عامة. وإذا كان ذلك صحيحا في كل اجتماع قمة سابق ومنذ العام 1981م، فإنه أكثر صحة ومصداقية الآن. أصبحت المخاطر والتحديات التي تواجه دول الخليج العربية بخاصة وكافة البلاد العربية بصفة عامة، أكثر حدة وجدية. وأعتقد أن ما ناقشته القمة الخليجية التي عقدت بالدوحة يمكن أن ينقسم إلى أقسام أهمها: العلاقات البينية الخليجية، حيث تم تأكيد اللحمة الخليجية وتجاوزها للسحابة التي مرت بهذه العلاقات لتنتهي هذه الخلافات بمجرد اللقاءات الودية، وإزالة سوء الفهم بين الأشقاء بفضل مبادرة خادم الحرمين الشريفين للم الشمل الخليجي ومسيرة التعاون الخليجي، حيث ناقشت في هذا القسم الوضع العام لمسيرة التعاون، وما تم حتى الآن لتعميقه وتطويره، خاصة في العام 2014م. وأعتقد أن استعراض هذه المسيرة هدفه مباركة ما تم إنجازه والحض على إنجاز ما لم يتم عمله، وكذلك إضافة المزيد، فضلا عن القضايا ذات الاهتمام المشترك وما يجري على الساحة الإقليمية من أحداث جسام وتطورات خطيرة ولعل في مقدمة هذه القضايا الوضع السياسي العام في كل من العراق، سوريا، لبنان، اليمن، ليبيا، وربما مصر أيضا، إضافة إلى عمليات مكافحة الإرهاب، وبخاصة الحرب ضد حركة «داعش»، وكذلك ما أصبح يعرف ب«الملف النووي الإيراني»، والعلاقات الخليجية مع الدول الكبرى. ويضاف إلى ذلك وضع سوق النفط حاليا، وسبل تدارك أسعاره من التدهور أكثر، هذا التدهور الذي قد يضر باقتصاديات هذه الدول. لقد مرت حتى الآن أكثر من أربعة عقود على قيام مجلس التعاون الخليجي، وما زالت إنجازات هذا المجلس أقل بكثير مما يتوقع ويتطلع إليه المواطن الخليجي. نتمنى لمجلسنا الموقر التوفيق والنجاح، وليكن هذا العام عام الانطلاق نحو آفاق أوسع، ونتمنى لهذا التكتل امتلاك القدرة التامة على تجاوز ما يواجهه من أخطار والتعامل مع التحديات الكبرى بفاعلية واقتدار، ونأمل أن يتم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في قمة الدوحة لكي تمضي مسيرة تعزيز التعاون الخليجي إلى الأمام.