وكأنه لم ينقص الأزمة في اليمن سوى التصريحات الوداعية للمبعوث جمال بن عمر التي بدا فيها وكأنه لا يدرك أن العالم بأسره كان يتابع أداءه ومفاوضاته واجتماعاته العلنية والسرية التي ظهرت نتائجها وكانت وبالا على اليمن. سيئ جدا أن ينهي بن عمر مهمته بمثل هذه التصريحات المتناقضة التي يبعد بعضها عن الحقيقة تماما، ويريد بها تغطية فشله أو بالأحرى تسببه في ما آلت إليه الأمور. بن عمر يقول إنه كان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق اتفاق يمني ينهي المشكلة لولا بدء عاصفة الحزم، وفي جزئية أخرى يفيدنا أفاده الله أن الحوثيين لم يلتزموا بتطبيق القرار الأممي الأخير 2216، ولعل ما ينطبق على السيد بن عمر في زوبعته الأخيرة هو المثل الشعبي الشائع: ما دام رايح كثر الفضائح. لسنا ندري ما هو ذلك الاتفاق الوشيك الذي أفسدته عاصفة الحزم لأن ما اتضح من أداء بن عمر خلال الفترة الطويلة لمهمته وما نتج عنها هو الاكتساح المريب لجماعة الحوثي لليمن بعد هندسته لاتفاق صعدة معهم. هذه الحقيقة الكارثية التي وصل إليها اليمن جاءت مباشرة بعد رحلته غير الميمونة إلى صعدة والتي صدمت نتيجتها اليمنيين وبقية الدول والشعوب التي كانت تتطلع إلى خلاص اليمن، ورغم عدم تفاؤلهم بأن ذلك سيتحقق كما يتطلعون إلا أنهم لم يتوقعوا اقتراف بن عمر لما أسماه اتفاق السلم والشراكة، وكان في حقيقته اتفاق الحرب والاحتلال والفوضى والدمار الذي كان لابد من إيقافه بعد أن أصبح تهديدا حقيقيا لليمن وجيرانه. عاصفة الحزم التي يتهمها بن عمر بإفساد اتفاقه المزعوم تأخرت كثيرا قبل أن تبدأ ولو كانت بدأت قبل ذلك التوقيت لربما أنقذت اليمن من مؤامرته المطبوخة مع الحوثي وصالح وإيران. ولعل ما صرح به مؤخرا مندوب اليمن في الأممالمتحدة يؤكد بشكل قاطع أن بن عمر مرر المخطط الجهنمي الذي كاد يبتلع اليمن لولا تدخل عاصفة الحزم. ولو شئنا الكلام بوضوح أكثر وتجرد فإن على المجتمع الدولي التحقيق مع بن عمر ومحاسبته على ما فعله باليمن وليس سماع مغالطاته المكشوفة التي ستظل تلاحقه كلما تذكر التأريخ ما حدث في اليمن.