منذ القرار العربي بمبادرة الحرب في السادس من أكتوبر عام 1973، منذ تلك الحرب التي وقعت قبل قرابة نصف قرن، جاء قرار عاصفة الحزم، وهو القرار العربي الأكبر وفي التوقيت الحاسم، فقد درست المملكة كل عناصر الميدان، واستشرفت كل الأوضاع السياسية القائمة، وصبرت المملكة وهي تلوذ بالصمت لتكتشف كل ما هو مخبوء، وتتأكد من القدرة على تشكيل حلف عربي ونسق دولي ظهر في قرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي استجاب لمطالب الشرعية اليمنية ممثلة بالرئيس عبد ربه منصور هادي ورفض فرض الواقع الحوثي. صالح الذي وصف حكم اليمن بالرقص مع الأفاعي، وحكم اليمن ثلث قرن بالتمام والكمال، وكان معه حلف أسطوري يدعمه من رؤساء القبائل سواء في حاشد وكان مدعوما من قبل رئاسات قبائل بكيل وكان لذهابهم بالموت خسارة فادحة لليمن كله، فقد كان هؤلاء كما عرفتهم لفترة طويلة أعظم الرجال الحكماء الذين يأخذون القرار بعد دراسة كل أبعاده المباشرة وغير المباشرة، وكانوا جميعا على علاقة استراتيجية بدول الجوار في ظل القاعدة الذهبية « لا ضرر ولا ضرار» وخاصة المملكة العربية السعودية ومصر والعراق، ويكفي أنه طوال فترة الحرب بين العراقوإيران التي انتهت في عام 1988، كان يوجد لواء من نخبة الجيش اليمني يقاتل إيران لصالح العراق، وكان ذلك مفهوما ومؤيدا من قبل الرأي العام اليمني، لأن الوعي التاريخي اليمني كان يرتكز إلى تجربة تاريخية عميقة كما لو أنها أسطورة خالدة تتحدث عن سيف بن ذي يزن القائد اليمني الذي ذهب إلى الفرس ليساعدوه ضد الاحتلال الحبشي القديم، ولكن الذين جاءوا للمساعدة ارتكبوا ضد الشعب اليمني من الفظائع ما لا تنساه الذاكرة الجماعية. المفارقات كبيرة جدا ابتداء من تحالف الحوثيين مع عدوهم الذي حاربهم ست مرات وهو صالح، إلى الحملة التي يقودها حسن نصر الله زعيم حزب الله اللبناني الذي أشهر عداوته ظلما مع المملكة مع أنه هو نفسه غارق في حلف مع النظام السوري والمليشيات العراقية، فأين الحكمة؟ ولكني أعتقد أننا سنرى ونكتشف في الأيام المقبلة المزيد والمزيد من المفارقات في عاصفة الحزم التي ألجمت إيران حيث أطلقت المملكة «إعادة الأمل» في سبيل الحل السياسي.