اعتبر الباحث الأكاديمي المتخصص في الشأن الإيراني الدكتور محمد بن صقر السلمي أن احتفالات الشارع الإيراني لا تعكس واقع الاتفاق المبدئي وتفاصيله الحقيقية حول المشروع النووي، كاشفا ل«عكاظ» عن أن الصياغة الفارسية لبنود الاتفاق وجهت للداخل الإيراني لتحقيق مكاسب نفسية غير حقيقية على أرض الواقع، ولافتا إلى أن هناك بعض النقاط وفقا للنسخة الإنجليزية لمسودة الاتفاق لا تزال قيد النقاش، منها حصر عمليات تخصيب اليورانيوم في مفاعل «ناتانز»، وخفض نسبة التخصيب إلى 3.67% على مدى 15 عاما، وإتلاف الكميات الباقية من اليورانيوم المخصب، مع تخفيض 70% من إجمالي عدد أجهزة الطرد المركزي. كما أن إيران تطالب برفع العقوبات عنها بشكل مباشر، بينما المطروح في بنود الاتفاق يشير إلى رفعها بشكل «تدريجي» وفقا لتجاوب إيران مع تنفيذ بنود الاتفاق. وقال إن هناك عقوبات غير مشمولة في هذا الاتفاق، وما زالت مفروضة على إيران، ومنها عقوبات بسبب دعمها للإرهاب واحتفاظها بالصواريخ الباليستية، وأخرى متعلقة بانتهاكات حقوق الإنسان. وتوقع السلمي ظهور خلافات عديدة في صياغة البنود قبل التوقيع النهائي، خصوصا أن هناك اختلافا بين النسختين الإنجليزية والفارسية، والتي فيها تلاعب ببعض الجمل التي لم تكن دقيقة للإيحاء بالانتصار في المفاوضات والإبقاء على المشروع النووي كقوة استراتيجية ورفع كامل العقوبات؛ بهدف اللعب على مشاعر الشارع الإيراني. وعبر عن خشيته أن يقود الاتفاق إلى تمدد إيراني من نوع آخر في المنطقة، لافتا إلى أن هناك مخاوف من أن يكون هذا الاتفاق له «مقابل» أو يترتب عليه اتفاقات غير معلنة، تتمثل في منح طهران دورا في المنطقة يدعم نفوذها، وبالتالي تزداد المخاوف من تفاقم المشكلات، وربما يكون «المقابل» لحصر البرنامج النووي الإيراني يقتصر فقط على الوقف التدريجي للعقوبات، والحكم في كل هذا ما زال مبكرا، ولكن إذا تم الاتفاق بحسب البنود المذكورة حاليا، فإنه سيكون مرضيا لدول الخليج؛ لأنه سيحجم عمليا من خطورة البرنامج النووي لإيران. وأفاد الخبير في الشأن الإيراني بأن اتفاق لوزان لم يتطرق إلى أدوار إيران السلبية في المنطقة، وبالتالي يخشى أن يكون النظام الإيراني أكثر إصرارا على تحقيق مطامعه فيما يتعلق بالشأن السوري، بل ويمتد لإحداث نفوذ أكبر في لبنان وما سيترتب عليه من إشعال القلاقل في المنطقة. وحول تأثير الاتفاق على الداخل الإيراني وهل هو انتصار لتيار الدولة أم لتيار الثورة، أوضح أن الاتفاق لم يكن ليحدث دون موافقة علي خامئني والقوى المتشددة التي يمثلها الحرس الثوري، رغم الادعاءات بأن التيار المعتدل الذي يمثله الرئيس حسن روحاني يبدو المتقدم في الصورة في قيادة هذا الملف، ولكن ذلك لا يعكس حقيقة الوضع وتسلط التيارات المتشددة بقيادة خامئني الذي يقف على هرم السلطة ويتحكم بشكل مطلق في ملف الأمن الوطني والسياسيات الخارجية.