كل شيء كان يسير طبيعيا، الصيادون والمراكب البحرية والتجارية والرجال البواسل في مراكزهم العسكرية، لم أتوقع أن أرى تلك الحياة فقد قضيت ليلتي التي تسبق الجولة وأنا أفكر أن يوم غد سيكون حافلا بالأساطيل البحرية العسكرية. ربما نتعرض لطلقة نار من هنا أو هناك، فهمست بذلك في أذن زميلي المصور، ولازمني هذا الهاجس ولم يفارقني حتى بعد جلوسي مع قائد الوحدات البحرية المقدم محمد قحل الذي قال: ستجد نفسك في نزهة بحرية لا في مهمة. وكلامي ليس مرده الواسطة البحرية التي ستجول بكم في البحر وإنما مرده أن كل شيء هادئ وآمن، فقد اتخذنا كل احتياطاتنا العسكرية ولن نسمح لأي إنسان أن يعبث بأمن وطننا. فكر ألف مرة يؤكد المقدم قحل: شواطئ منطقة جازان الحدودية بإذن الله آمنة مطمئنة والحوثيون وأنصار علي صالح أو أي إنسان آخر يفكر أن يخترق حدودنا نقول له قبل أن تقدم على هذه الخطوة فكر ألف مرة حتى لا تجد نفسك ومن معك في مأزق قد يكلفك حياتك. حرس الحدود ومختلف الأجهزة الأمنية فيها رجال أسود بواسل غيورون على وطنهم ولن يسمح لكائن من كان أن يمس ذرة. التصدي بقوة ويمضي المقدم قحل ليؤكد أن انطلاق عاصفة الحزم لم تؤثر مطلقا على جاهزيتنا، لأننا في الأساس مستعدون والذي حدث هو ارتفاع الجاهزية بهدف التصدي لكل من تسول له نفسه العبث بأمن الوطن. والملاحة البحرية في المنطقة تسير بشكل عادي مع تكثيف بعض الرقابات والدوريات بهدف المتابعة لأي طارئ لا قدر الله. مثمنا للقيادة الرشيدة حرصها على توفير كافة احتياجات حرس الحدود من أجهزة وعناصر بشرية بهدف تسهيل مهام البواسل. المقدم يضيف أن التسلل والتهريب البحري لم ولن يتوقف لكنه أكد أن الحالات لم تزد عن المعدل العادي، وخلال الأيام الماضية قبضت القوات على بعض المتسللين الذين حاولوا اختراق حدودنا المائية وتم التعامل معهم وفق الأنظمة والقانون. 3 أميال فاصلة وأمام تلك الكلمات القوية توجهت بصحبة زميلي المصور إلى الباص البحري الذي انطلق بنا.. قائده النقيب علي الحازمي مع فريق من البواسل بينهم مساعده الرقيب أول إبراهيم الحكمي، الباص شق عمق البحر وسط هدير الأمواج إلى جزر الجعفري ومنها إلى الداغية وصولا إلى جزيرة العاشق الكبرى المقابلة لجزيرة العاشق الصغرى التابعة للجمهورية اليمنية وهناك وجدنا البواسل على أهبة الاستعداد، جميعهم يحملون أسلحتهم ومستعدون لأي طارئ وكلهم مستعد للتضحية من أجل الوطن. هناك قال قائد مركز العاشق الملازم محمد الفيفي لن يثنينا البعد عن الأهل والولد أو أي غال عن الدفاع عن وطننا، نحن مستعدون، نحمل أسلحتنا للرد على كل عابث فهذه الجزيرة لا يفصلها عن الجزيرة الأخرى المقابلة لها غير 3 أميال . وأؤكد لك وللجميع أن الأمور هنا آمنة وخلال الأيام الماضية ومنذ انطلاق عاصفة الحزم بفضل الله ثم بفضل الرجال البواسل لم تسجل أية اختراقات حدودية. لا شاردة ولا واردة نحن على أهبة الاستعداد وتوجيهات المسؤولين وعلى رأسهم قائد المنطقة اللواء محيا العتيبي تؤكد دائما على أنه لا تهاون مع أي عابث بأمننا وأن علينا دائما التعامل مع هؤلاء بحزم وشدة حتى نفوت الفرصة على الآخرين. وكما ترى الجميع هنا يحمل السلاح، فأمامنا الرقيب بدر الشافعي، وكما تراه وبقية زملائه على أهبة الاستعداد لأي طارئ لا قدر الله. أما الجندي أول عطية العمري والرقيب الأول عبدالرحمن القيسي فكل واحد منهما لديه دور في حراسة وحماية الوطن، فالزميل العمري وكما تراه محتضنا السلاح ليدفع به تجاه كل معتد أثيم فيما الزميل القيسي يرصد بالمنظار كل شاردة وواردة على هذا الساحل، أما الجندي على الله مرير هو وبقية زملائه لا يمكن أن تغفو لهم عين بعيدا عن السلاح وهذا تأكيد أن المواطن السعودي أغلى ما لديه هو وطنه. العاشق الأخرى من خلال المنظار طالعنا جزيرة أشار الملازم الفيفي إلى أنها جزيرة العاشق اليمنية وقبل أن أسأله، أجاب منذ انطلاق عاصفة الحزم والجزيرة هادئة ولم نرصد عليها أية ملاحظات ولو رصدنا ملاحظة صغيرة تأكد أننا سنكون لها بالمرصاد. بعد هذا الحديث، وبعد تجولنا في الجزيرة ولقاءاتنا مع البواسل فيها عدنا ثانية إلى الوسيلة التي أبحرنا من خلالها إلى الجزيرة عائدين إلى جازانالمدينة وإلى النقطة التي انطلقنا منها وهذه المرة رأينا بعض الصيادين كانوا يمارسون الصيد فيما كانت السفن التجارية تستعد للدخول إلى ميناء جازان وأخرى في عرض البحر متوجهة إلى بلدان أخرى. وعند الساعة الواحدة ظهرا وصلنا إلى الوحدات البحرية وإذا بالمقدم القحل يمسك بيدي ويقول هل وجدتم أمامكم ما يخيف؟ ألم أقل لكم إننا نعيش في أمن وأمان وإن حدودنا آمنة مطمئنة. فشددت على يده وأشدت به وبزملائه ولسان حالي يقول إن البواسل في حرس الحدود لن يتركوا فرصة لأي معتد أثيم.