نقص عدد القضاة، طول مدد التقاضي، الازدواجية في التخصصات والمرافق العدلية، والتوسع في العمل الالكتروني تعد من التحديات الكبيرة والملفات الابرز امام وزارة العدل. «عكاظ»سألت عددا من المحامين والحقوقيين والمتعاملين مع المحاكم عن ابرز الملفات المطلوب التعجيل بها في المرحلة المقبلة. يستهل الاجابات المحامي والقانوني الدكتور علاء عبدالحميد ناجي ويقول: يجب على الوزارة أن توزع رؤيتها على نوعين من الملفات: الملفات التي تتطلب علاجا فوريا كتلك المتعلقة بالبنية التحتية والجوانب الإجرائية والمدد الزمنية للفصل في الأحكام وتفعيل الدرجات القضائية التي تم اعتمادها وكذلك تفعيل المحاكم المتخصصة. وهناك ملفات الاستراتيجية طويلة المدى التي تتعلق بالتنسيق مع الجامعات لدمج مساري الشريعة والقانون بحيث تتجانس مخرجات التعليم الجامعي مع احتياجات المحاكم وسوق العمل والعمل على رفع مستوى الأداء للمحامين والقضاة ككل. المحامي والمستشار القانوني والمحكم المعتمد حامد بكر فلاتة يأمل من الوزير الجديد اكمال المسيرة في تطبيق مشروع تطوير القضاء، فمن خلال خبرتنا في مجال المحاماة وتعاطينا مع المحاكم واللجان القضائية المختلفة لما يزيد على 25 عاماً نرى أن هناك حزمة من الملفات تحتاج للتطوير وربما إعادة الهيكلة والتنظيم ومنها معالجة نقص عدد القضاة وتدريب الجدد وموظفي المحاكم وتطوير أدائهم وإيجاد الحلول الناجحة لمشكلة طول مراحل التقاضي والتحكيم والصلح وإلغاء أو دمج اللجان القضائية في المحاكم. برامج هشة يستعرض المحامي نواف المطوع ابرز الملفات التي يتوجب على وزارة العدل التعجيل بها، منها انشاء برامج الكترونية قوية مدعومة من جهات لها باع طويل مثل شركة العلم لأمن المعلومات التابعة لوزارة الداخلية وربطها بمركز المعلومات الوطني لان البرامج الحالية هشة وغير عملية وطبيعة العمل العدلي تستلزم تطويلا في التدوين والتفصيل ولا يعقل ان يدون المستفيد من خدمات العدل دعواه كاملة بشكل مفصل ويكتشف فجأة اختفاء الصفحات وعدم اتمامها، هنا يفقد المستفيد الثقة في العمل الالكتروني في موقع وزارة العدل. دمج التخصصات في رأي المحامي بندر العمودي أن من أهم الملفات المطروحة التي يستحق أن يتم الاستعجال فيها قضية التخصصات والازدواجية فيها واختيار القضاة لها، حيث ان بعضها معقد ويحتاج إلى تفسير وكيفية توزيع التخصصات على المحاكم، وعلى سبيل المثال نجد ديوان المظالم يتناول القضايا التجارية ولا يتناولها جملة وتفصيلا بل جزء منها والجزء الآخر -وأعني قضايا المنازعات التجارية- تتناوله وزارة التجارة، فلو نجحت الوزارة في دمج التخصصات المنقسمة كالقضايا التجارية وجعل النظر فيها بواسطة جهة واحدة مثل المحكمة التجارية فهذا يحسب من ايجابيات المجلس الاعلى للقضاء. إن ملف التخصص والفصل بين التخصصات من أهم الملفات المطروحة أضف إلى ذلك أيضا تطوير وتحديث بعض الأنظمة وآلية تحديثها لتتواكب مع الوضع الحالي. تبادل المذكرات حول ابرز التحديات التي تواجه الوزارة يقول المحامي نزيه عبدالله موسى انها تتمثل في استكمال انشاء المرافق العدلية. ومن جانبه يرى مهند الظاهري المحامي ان اساس العدل سرعة الحكم وأكثر ما يقلق المواطنين استطالة التقاضي ما يمنح قوة دفع للمماطلين في حقوق الناس بالاستمرار في الاعتداء على حقوق الاخرين، والمطلوب تقريب مواعيد الجلسات وتحديد فترة قصوى باسبوعين ومنح الموثقين دورهم في المجتمع وانهاء اجراءاتهم لاستخراج التراخيص المطلوبة وان يكون الرد على المذكرات الكترونياً بين الخصوم عبر موقع وزارة العدل لتجنب اضاعة الوقت، وملاحقة المحامين المزيفين والمكاتب الاجنبية العاملة في هذا المجال. ترتيب الأولويات نحن بحاجة ماسة لترتيب الأولويات في البيئة العدلية نظراً لازدحام الموضوعات ووجود بعض العقبات، وعدم القدرة على التصدي لكل المشكلات المتجذرة، مما يقصر الحل على تنظيم تقديم المبادرات زمنياً.. يقول الدكتور يوسف الجبر المحامي رئيس لجنة المحامين في غرفة الأحساء، ثم يقترح؛ منح الأولوية للقضايا الملحة التي يشق على العاملين داخل الوسط العدلي أو المستفيدين من خدماته الصبر عليها. ويمكن من خلال ورش العمل المشتركة استقصاء كل هذه المشكلات المستعصية، مثل وجود فراغ قانوني في عدد من الموضوعات الهامة ما تسبب في تضارب الاجتهادات القضائية وضعف حركة سير التقنين. وكذلك عدم وجود المستشارين المتخصصين في الجهات القضائية، وقلة عدد القضاة، وتدافع الاختصاصات بين الجهات القضائية، تدني الإنجاز القضائي وطول أمد القضايا في المحاكم، ونقص مزايا القضاة والخدمات المقدمة لهم، ووجود ثغرات في المعالجة القضائية للقضايا الكبرى. ليل المحاكم المستشارة القانونية فريال كنج تضيف ان ابرز الملفات تتمحور في ضرورة إنهاء القضايا المعلقة في المحاكم والتي مضى عليها وقت طويل دون معالجة وأغلبها قضايا اسرية مثل زواج القاصرات، الطلاق،الخلع، الحضانة، الولاية والنفقة.. كما أن هناك قضايا أخرى مثل العنف الأسري يوجد حولها بطء شديد في التقاضي قد تمتد لسنوات. ونامل انهاء مثل هذه القضايا لأن كثرة المماطلة والتأخير تؤدي إلى خلق مشاكل بين الأطراف واثارة البغضاء ورغبات الانتقام. وهناك قضايا يجب البت فيها سريعا مثل معاقبة من لايلتزم بالأحكام وتنفيذها ومن يستهتر بها ويعمد الى المماطلة ويعتبر الامر مجرد شكوى على ورق حيث يدعي بعض المدعى عليهم ان «ليل المحاكم طويل». تهميش القانونيين «عكاظ» سألت الخبراء عن افضل الآليات لمعالجة امر نقص القضاة وتدريب الجدد منهم ويجيب على ذلك المحامي الدكتور علاء عبدالحميد ناجي ويرى ان وزارة العدل لن تنجح في معالجة الامر بذات العقلية والمنهجية التي كونت المشكلة. ولا يتصور حلها بشكل مستعجل ومقبول على المدى القريب. فنقص القضاة نتيجة مباشرة لتهميش دور القانونيين في العمل القضائي والاعتماد فقط على خريجي الشريعة، وهو أيضا مرتبط بمعالجة دوافع تسرب القضاة من السلك القضائي والتوجه للعمل الخاص. شروط التعيين المحامي نواف المطوع قال إن نقص القضاة لا ينكره الا مكابر والحل يكمن في التوسع في التعيين وتخفيف الاشتراطات فالقضاء العمالي والتجاري مثلا يختلف عن القضاء العام مع ان شروط التعيين واحدة، كما يتوجب على وزارة العدل فتح المجال للقضاة للعمل والتغطية في اكثر من محكمة في وقت واحد وتمكينهم من اداء اعمالهم خارج الاوقات الرسمية ولن يتحقق ذلك الا بميزات مالية اضافية مشجعة. ويتفق المحامي بندر العمودي مع الرأي ذاته ويضيف أن عدد القضايا المطروحة أمام القضاء لا يكمن أن يستوعبها العدد الموجود إلا في حال الفصل بين التخصصات بإنشاء محاكم مختصة، ويستلزم ذلك أن يكون القضاة مؤهلون للاختصاصات ومن الحلول ايضا تأهيل القضاة في التطورات الجديدة في عالم القضاء وقبل ذلك تنظيم الدورات التدريبية للقضاة قبل دخولهم الميدان اذ إن القاضي عند دخوله المجال وهو على علم وممارسة يسهل عليه أداء المهمة. وسائل بديلة يقترح المحامي نزيه عبدالله موسى زيادة أعداد القضاة عن طريق فتح الباب أمام مخرجات الجامعات في تخصصاتها الشرعية دون استثناء أي جامعة والتوسع في دورات التأهيل والتطوير والزيارات للمرافق العدلية في الدول الشقيقة والصديقة. أما الدكتور يوسف الجبر المحامي رئيس لجنة المحامين في غرفة الأحساء فقال لابد من دعم مباشر من الجهات المختصة بتوفير وظائف قضائية أكثر، ودمج المحاكم القريبة وإنشاء محاكم في المواقع الاستراتيجية، وتفعيل الترافع عن بعد عبر وسائل الاتصال المختلفة، ودعم الاستفادة من الوسائل البديلة للتقاضي مثل التحكيم والوساطة والتوفيق والصلح. ومن وجهة نظر المستشارة القانونية فريال كنج فإن معالجة نقص القضاة تتمثل في امكانية تدريب أكبر عدد من القضاة الملازمين للقاضي الواحد والاستعانة بالقضاة المتقاعدين اكتسابا لخبراتهم والاستفادة من خريجي القانون في المحاكم التجارية والمحاكم العمالية التي تعتمد على فصل قضاياها على الأنظمة والقوانين. اختلاف حول جدوى المباني النموذجية يتردد في الاوساط عدم ملاءمة المباني للعمل القضائي. وفي هذا يرى المحامي علاء عبدالحميد ناجي ان المباني الحالية ليست نموذجية خصوصا أن كثيرا منها مستأجر، ولابد أن تكون خطة المباني المقبلة متوائمة مع الأداء الإداري والإجرائي أيضا. في المقابل يرى المحامي مهند الظاهري ان المباني تعد قضية ثانوية فما فائدتها امام نقص القضاة؟ وقال المحامي بندر العمودي إن الوزارة حققت قفزة نوعية في مجال المباني فهي تساعد كثيرا على ترتيب عملها واستقبال مراجعيها بكل يسر، فلو استمرت الوزارة على هذا النهج وتم بناء بقية المباني فهذا انجاز كبير خصوصا أنها ستسهل على المراجعين تقديم طلباتهم بيسر وبكل راحة واطمئنان، لكن لا يزال هناك نوع من عدم الترتيب في كيفية ترتيب الدخول إلى المحاكم حيث كثير من المراجعين يعانون من آلية الدخول والعثور على المواقف الخاصة بالسيارات. البعد عن الهدر والسماح لنور الشمس في رأي نواف المطوع يتوجب على الوزارة الاستعانة بمكاتب عالمية متخصصة في التصميم كي تكون المباني ذات طابع موحد وبنماذج مختلفة في مختلف المناطق والمحافظات والمراكز. أما الدكتور يوسف الجبر المحامي رئيس لجنة المحامين فقال إن المكان ليس أمراً كمالياً تأنس به العين فقط، بل هو سبب لانشراح النفس البشرية للعمل والصبر على البقاء ساعات طويلة ولذلك فسر الاهتمام به بأنه يرتبط بأحد عناصر رفع مستوى الإنجاز ومحفزاته.. (الذي أتمناه هو البعد عن هدر المال في الاهتمام الزائد بفخامة المبنى والتركيز على تخطيط المكان بشكل صحيح وتوفير البنية التقنية الكاملة به والسماح لنور الشمس بالتجول في أرجاء الموقع بما يطرد الكآبة والانغلاق). وتقترح المستشار القانوني فريال كنج إنشاء مبان نموذجية تليق بمرفق القضاء تجتمع في مكان واحد، ليكون مجمعا يحتوي على جميع المحاكم حتى لايتشتت المتقاضي بين أكثر من مكان.