ندوة (المجتمع والأمن) التي نظمتها كلية الملك فهد الأمنية، تحت عنوان «شبكات التواصل الاجتماعي وأبعادها الاجتماعية والأمنية» أوصت بحزمة من المقترحات المهمة تكشف مدى حاجة أمن المجتمع إلى مزيد من الإجراءات، وتكامل الجهود الرسمية والمجتمعية في تطبيقها، لترسيخ الاستفادة الإيجابية من شبكات التواصل وفي نفس الوقت سد الثغرات والتحديات والمخاطر القائمة. قبل ذلك وجدنا وزارة الداخلية كعادتها المحمودة في السباق مع ذاتها وتتصدر كل الجهود لتعزيز الوعي ضمن مفهوم الأمن الشامل، تبادر بإطلاق استراتيجية شبكات التواصل الاجتماعي، بهدف تعزيز الاستفادة منها في خدمة الأمن الوطني وتحسين كفاءة الخدمات الإلكترونية من خلال هذه الشبكات، وتعزيز التعاون والتضامن المستمر بين الوزارة والجهات الحكومية ذات العلاقة، وتحقيق مستوى عال من الوعي حول الخدمات الحكومية المقدمة. أعود إلى ندوة (المجتمع والأمن) فقد أكدت في مقترحاتها على أهمية تحفيز أعضاء هيئة كبار العلماء وغيرهم من العلماء المصرح لهم، على إنشاء حسابات على شبكات التواصل الاجتماعي؛ لتسهيل التواصل مع الناس والرد على أسئلتهم وكشف الشبهات التي يثيرها أعداء الدين والوطن وإيضاح الحقائق للناس، وضرورة التسريع بإصدار نظام حماية خصوصية البيانات الشخصية وضوابط تمريرها لطرف ثالث، كذلك تضمين مفهوم أمن المعلومات في مناهج التعليم. أيضا من المقترحات المهمة الواجب استجابة أفراد المجتمع ومؤسساته التوعوية لها، تنمية القيم والإحساس بالمسؤولية الدينية والوطنية حتى يكون المتلقي ذا مناعة قوية، أمام كل ما من شأنه أن يجرده من انتمائه وأصوله، أو يخدش في عقيدته ودينه، توظيف الجانب القيمي والديني بوصفه أحد العوامل المهمة في دعم الرقابة الذاتية لدى مستخدمي شبكات التواصل، للحد من ارتكاب الأفعال المجرمة وخاصة المرتبطة بالقيم الأخلاقية. ومن ثم فإن التحدي الأبرز يكمن في التوعية بالأخطار المرتبطة باستخدام شبكات التواصل، وهي كثيرة ومتشابكة، وبالطبع التوعية بالعقوبات المترتبة على الأفعال الإجرامية الإلكترونية، وما أحوج المجتمع إلى ثقافة الوعي من خلال مناهج التعليم والبرامج الإعلامية والمحاضرات العامة والدينية وخطب الجمعة، مع إسهام الوسائل الإعلامية ببيان الآثار النفسية والجسمية والعقلية الناجمة عن الإفراط في استخدام الشبكات، مثل قلة التركيز وضعف الانتباه وعدم الثقة بالآخرين. من المهم بل نقطة البداية التي أكدت عليها الندوة، تبصير أولياء الأمور بأهمية متابعة أبنائهم في استخدامهم لشبكات التواصل وتوجيههم للاستخدام الأمثل لها، ومراقبتهم وتعريفهم بالأخطار الكامنة في المواقع الاجتماعية، وفي نفس الوقت تأكيد دور الجهات ذات العلاقة في التوعية بالتفريق بين حرية التعبير عن الرأي المنضبطة وبين جرائم الأخلاق والفكر الضال والإرهاب. لذا من الضروري أيضا تطوير المؤسسات الحكومية لمنصاتها الاتصالية والإعلامية والخروج من الطرق النمطية الجامدة والضيقة، إلى توظيف الشبكات الاجتماعية في التواصل مع أفراد المجتمع لإيصال الرسائل المنشودة وإيضاح الحقائق ومواجهة الشائعات والسموم وخطورتها خاصة على المراهقين والشباب، لتعزيز دور المواطن في خدمة أمن الوطن والمجتمع، وترسيخ الحس الأمني والوطني. إن الثورة التقنية في المعرفة والاتصالات ومنها شبكات التواصل الاجتماعي، لها منافع عظيمة في قطاع العمل الإنساني يجب توظيفها، وتوسيع الاستفادة منها، مع ضرورة دعم الأبحاث العلمية المتعلقة باستخدام التقنية والاجتماعية والنفسية إلى جانب التشريعية ذات الصلة بالمنظومة الاجتماعية الأمنية والأخلاقية للعالم الافتراضي الذي أصبح بفوائده وخطورته كمعول هدم وبناء في آن واحد بعد أن اختطف عقول وأوقات ونفسية الملايين من أسرى التواصل الاجتماعي.