لا زالت الأسواق الشعبية في عسير، تجد فرصتها في استقطاب الزوار والمرتادين الذين لا يفدون إليها من القرى والبوادي فحسب، بل من المدن البعيدة، والذين يجدون فيها عبق التاريخ، ولعل ما يميز سوق الثلاثاء الأسبوعي الشعبي بأبها، باعتباره أبرز تلك الأسواق، وأكثرها إقبالا وشهرة، أنه يتوسط قلب مدينة أبها النابض، ويحتل مساحة في موقع مركزي وحيوي بالإضافة إلى مجاورته لمركز الملك فهد الثقافي (المفتاحة). ويعتبر سوق الثلاثاء من أقدم الأسواق الشعبية في منطقة عسير، والتي يعود تاريخ إنشائها حسب روايات عدد من كبار السن إلى ما قبل 86 عاما، وتحديدا في عام 1350ه، حيث إن التسمية تعود إلى توقيت إقامته كل ثلاثاء، فيتجمع فيه الكثير من الأهالي، حيث يلتقي المنتج والمستهلك وأصحاب الرأي والضبط ويتم البيع والشراء. ويجد هذا السوق الاقبال الكبير من الزوار على مدى العام، فيما يعتبر أبرز رواده كبار السن والشباب والأسر التي تصطحب أطفالها معها لتعريفها بتراث الآباء والأجداد وبعض المشغولات والأدوات التراثية القديمة والتي تباع في هذا السوق. ويفد إلى السوق الباعة المتجولون من كافة منطقة عسير، وحتى من خارج المنطقة لعرض منتجاتهم والتي أغلبها تكون شعبية مثل بيوت النحل والأواني الفخارية القديمة والمنتجات الجلدية المصنوعة من وبر الحيوانات، وكذلك يوجد في السوق مكان خاص بالبائعات يعرف بسوق العجائز، يجتمعن فيه من مختلف محافظاتعسير يبعن فيه المنتجات العطرية مثل غرس ونبتة الريحان والبرك والهزاب والشار وغيرها من النباتات العطرية. وقد تعددت سلع ومعروضات هذا السوق، فهناك الدكاكين الموجودة والثابتة داخل السوق والتي تباع فيها انواع الملبوسات الشعبية والجلابيات، وكذلك بعض الخناجر والبنادق والأسلحة القديمة، وبعض المصاعد والمحانذ والمكانس والمباخر والمصنوعة حديثا، كما كانت تصنع في السابق وذلك لاقبال الناس والزوار على السوق لاقتنائها كنوع من الثراث الشعبي وخاصة للزوار القادمين من خارج المنطقة كنوع من الذكرى لتوثيق زيارتهم إلى عسير وشراء بعض الملبوسات الشعبية والتراثية وتناول الأكلات الشعبية، وأبرزها خبز التنور واللبن والعسل والذي يباع في السوق الشعبي، بالإضافة إلى محلات العطارة ودكاكين بيع السمن البلدي وكافة الحبوب المنتجة والمزروعة في محافظات منطقة عسير. ويوفر السوق كافة ما يحتاجه الزائر، سواء على الصعيد الشخصي، أو حتى الأدوات المنزلية، فضلا عن الحيوانات الأليفة والدجاج البلدي والأرانب والحمام وطيور الزينة، حتى الصقور يمكن أن تجدها في السوق، والتي يمكن أن تباع في الدكاكين الصغيرة، أو حتى في المساحات الشاغرة أمامها، كما يستغل الباعة المواقع خارج السوق، لتوقيف سياراتهم فيها، وعرض منتجاتهم المتنوعة. والملاحظ أن غالبية الباعة في هذا السوق، من كبار السن، سواء كانوا رجالا أو نساء، فيما يعتبر السوق متنفسا للأهالي والزوار في منطقة عسير في التسوق برفقة الأسرة مع الأطفال وشراء بعض المستلزمات التراثية الشعبية وتعريف الأبناء بتراث الآباء والأجداد وملبوساتهم ومأكولاتهم والادوات التي كانوا يستخدمونها في الماضي. وعلى الرغم من أن السوق مستمر على مدار الأسبوع، إلا أنه بقي نشطا في يوم الثلاثاء، تأكيدا للاحتفاظ بمسماه. وهناك العديد من الأسواق الشعبية الأخرى المشابهة بعسير، مثل سوق الواديين والفرعاء وأحد رفيدة وقحطان ومحايل عسير وخميس مشيط، وأسواق أخرى في الكثير من المحافظات.