حزنت جدا عندما علمت أن مجموعة من ما يسمى ب(المحتسبين) تصدوا للدكتور (معجب الزهراني) عندما كان يلقي محاضرة في معرض الكتاب بعنوان: (الشباب والفنون)، متطرقا فيها للجريمة العبثية التي اقترفتها عصابة (داعش) عندما حطمت التماثيل الأثرية في متحف (الموصل)، وأحرقت جميع المخطوطات القديمة، وأتبعتها بالمباني الأثرية والتماثيل الضخمة في منطقة (الحضر ) التي عمرها لا يقل عن (3500) سنة، بواسطة المتفجرات والجرافات معتبرينها من (الأصنام)، في مشهد يدل على قمة الجنون والتخلف والانحطاط. صحيح أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد حطم الأصنام التي كانت حول الكعبة لأنها كانت في وقتها تعبد من دون الله، ولكن الإسلام عندما انتصر وانتشر انتهى كل شيء ، ولم يتأس هؤلاء الدواعش (بعمر بن الخطاب) عندما وصل إلى بيت المقدس لم يمس الكنيسة بسوء، وتركها كما هي بصورها وتماثيلها، وصلى خارجها. وسار على منواله كل الخلفاء الذين تتالوا من بعده، إلى أن أتى (يزيد بن عبد الملك)، فأرسل لواليه (حنظلة الكلبي) في مصر سنة (102) هجرية، وأمره بتحطيم التماثيل أي بعد فتح مصر ب (82) سنة ، أي بعد أن مات (ابن العاص والزبير) وبقية الصحابة الذين استوطنوا في مصر. هؤلاء الذين لو (كان الهوا هواهم) لكانوا قد كفروا الدكتور الإنسان المتحضر الراقي (معجب)، وحسنا فعلت الأجهزة عندما تصدت لهم وأوقفتهم عند حدهم. إن هؤلاء ما هم إلا تلامذة غير نجباء للمتشددين عندما حطموا أكبر تمثالين في العالم بأفغانستان بمنطقة (باميان)، وهما اللذان نحتا قبل البعثة المحمدية، وظلا منتصبين بعدها أكثر من أربعة عشر قرنا ولم يعبدهما أحد إلى أن أتى أصحاب الفكر الأسود وأعداء الحياة، وهواة الدمار وفجروهما، وأخذوا يرقصون بعدها رقصة الحرب، وكأنهم بذلك قد انتصروا للإسلام، فأي صغارة عقول هذه ؟! ودون خروج من الموضوع، وعن تجربة سخيفة مررت بها، فأذكر أن أحدهم دعانا للغداء يوما في أحد فنادق الرياض، وكان عددنا تسعة ونصف حيث إن أحدنا صحب طفله البالغ عشر سنوات ، وعندما دخلنا إلى (بوفيه) المطعم، وإذا بأحدنا من (المتنطعين) يرفض رفضا قاطعا أن يتغدى في المطعم، لأنه شاهد مجسم سمكة من الثلج تشبه (الدلفين) مكوزة على البوفيه، وفوجئت به ينادي على المسؤول ويطلب منه أن يشيلها ويحطمها، ورفض المسؤول بالطبع أن يفعل ذلك، عندها (وراسه وألف سيف) لن يأكل في المطعم، وأحرج صاحب الدعوة، لأن الوليمة أساسا هي على شرف ذلك المتعصب، فقال لنا مضيفنا متلطفا: علينا أن نذهب إلى فندق آخر، عندها (حرنت) أنا (وراسي ولا ألفين سيف) إلا أن آكل في هذا المطعم بالذات، فقرروا تركي وحدي وقبل أن يخرجوا ناديت على صاحب الدعوة قائلا له: ألست أنت من دعوتني ؟!، قال لي: نعم، قلت له: إذن لو سمحت أعطني (150) ريالا قيمة ثمن عزيمة الغداء، ودفعها لي متعجبا، وتغديت هنيئا مريئا، وعيني كانت لا تفارق مجسم الدلفين الثلجي الجميل. [email protected]