توصل فريق بحثي أجرى دراسة لمعرفة جودة الحياة لدى مرضى الصدفية السعوديين إلى أن الصدفية تلحق تأثيراً ضعيفاً لدى 48% من المرضى السعوديين، فيما يكون تأثيرها كبيراً لدى 38% من المرضى. وبينت الدراسة أن المرض يؤثر سلبياً على جودة حياة المرأة السعودية أكثر من الرجل، وتوصلت إلى أن الصدفية تؤثر سلبياً على المرضى الأكبر سناً وبالذات لدى ذوي الفئة العمرية من 48 إلى58 سنة مقارنة بفئات الأعمار الأصغر. وأوضحت ل(عكاظ) عضو مجلس الشورى ورئيس الفريق البحثي الدكتورة لطيفة الشعلان، أن الدراسة كشفت انخفاضاً في تأثير المرض لدى السعوديين مقارنة بنتائج الدراسات الأوروبية والأمريكية التي توصلت إلى أن ما بين 67% و88% من المرضى تتأثر جودة الحياة لديهم سلبياً بشكل كبير بسبب الصدفية. وترجع سبب انخفاض تأثير الصدفية على جودة الحياة لدى المرضى السعوديين لعامل الدعم الاجتماعي الذي يكون أكبر في المجتمعات التقليدية والنامية مقارنة بالمجتمعات الصناعية، وقالت: «لا تزال الأسرة في المجتمع السعودي تشكل النواة الصلبة لشبكة العلاقات الاجتماعية، وتلعب دورا رئيسا في تقديم الدعم والمساندة لأفرادها خلال المحن والأزمات التي يمرون بها». وزادت: «إن أكثر من 60% من العينة في دراسة الفريق البحثي هم من المتزوجين، فالاستقرار النفسي في ظل وجود الشريك ومساندته له دور في الحد من تأثير المرض على جودة الحياة، من خلال دعم الشركاء الأصحاء لشركائهم المرضى في روتين الحياة اليومي واتباع خطة العلاج وأوقات الترويح». وبينت أن 82% من العينة هم ممن يتراوح تاريخهم المرضي من السنة إلى أقل من السنوات العشر، فطول مدة الإصابة يؤدي لتطوير استراتيجيات تعايش توافقية مع المرض مما يحد من تأثيراته السيئة. وحول زيادة تأثير الصدفية أكثر على جودة حياة المرأة مقارنة بالرجل، قالت: «سبب النتيجة يأتي في ضوء أن الثقافة السعودية تبدي تسامحاً وقبولاً واضحين لنواحي النقص والضعف لدى الرجل أكثر مما تبديه في حالة المرأة»، مضيفة: «ثورة الاتصالات التكنولوجية في المجتمع السعودي والانفتاح على المجتمعات الأخرى خلال العقدين الأخيرين وزيادة معدلات الاحتكاك بالمجتمعات الغربية من خلال السفر للسياحة والترويح أو الدراسة جعلت النساء السعوديات أكثر ميلاً في الغالب لتبني المفاهيم الغربية الحديثة في الجمال والشكل الخارجي سواء ما يتعلق بالنحافة أو موضات قص الشعر أو العناية المفرطة بالشكل الخارجي». وأشارت إلى أن هذا الاتجاه الحديث في تأطير الجمال الأنثوي ضمن نموذج واحد معولم يعبر الحدود الثقافية، يزيد من معاناة مريضة الصدفية ويساهم في انخفاض جودة الحياة لديها، ويجعل الوضع أكثر صعوبة وتعقيدا مع المرأة المصابة بأحد الأمراض الجلدية المزمنة، كالصدفية، مضيفة: «إذا لم ينسجم مظهر المرأة مع النموذج الثقافي الاجتماعي السائد فقد يحدث ذلك شرخا في علاقتها بالرجل، أما إذا عانت المرأة من أمراض مزمنة تؤثر على مظهرها الخارجي، كالصدفية وغيرها من اضطرابات الجلد، فقد يصل الأمر إلى شعورها بالعجز والنقص وميلها إلى الانسحاب والعزلة. وعن تأثير الصدفية على جودة حياة كبار السن تقول: «هذه النتيجة مردها إلى ارتباط هذه الفئة بأزمة منتصف العمر التي تتميز بالتغيرات الفسيولوجية والأعباء النفسية ومشكلات التوافق لدى الناس الأصحاء، التي تزيد حدة لدى الذين يعانون من اضطرابات ومشكلات طبية مزمنة كالصدفية، حيث تتفاقم في هذه الحالة حدة أزمة منتصف العمر بشكل يؤثر سلبيا في جودة الحياة بشكل عام»، وبينت أن أكثر من 45% من المرضى السعوديين يتلقون العلاج في عيادات خاصة وليست حكومية وليس لديهم تأمين طبي كما أفادوا، وذلك يعني ازدياد الضغوط المادية على المرضى، بالنظر إلى ارتفاع تكلفة علاج الصدفية كأحد الأمراض الجلدية المزمنة. وأوضحت أن هناك ضغوطا مادية ومعيشية على الفئة العمرية بين 48 إلى 58 سنة التي بدأت تواجه تغيرات مرتبطة باستقلال الأبناء والاقتراب من مرحلة التقاعد الوظيفي، وما يرتبط بذلك من تحولات اقتصادية يمر بها المجتمع السعودي، ما يعني أن المرض قد يؤثر بشكل أسوأ على هؤلاء المرضى الذين يمرون بمرحلة منتصف العمر. وكان الفريق البحثي الذي ضم إلى جانب الدكتورة لطيفة الشعلان كلا من الدكتورة الجوهرة الجبيلة والدكتورة ابتسام الزعبي الأستاذتين بجامعة الأميرة نورة بنت عبدالرحمن وعددا من الشباب المتعاونين في إجراء البحث من الجنسين، قد أوصى في نهاية دراسته بالقياس الدوري لمستوى جودة الحياة لمرضى الصدفية، وتوفير برامج التدخل المناسبة على الصعيدين الفردي والجماعي ضمن عيادات ومراكز علاج أمراض الجلد، وشمول برامج التدخل شركاء مرضى الصدفية للتوعية بكيفية المساندة في خطة العلاج والتعامل مع الآثار النفسية والاجتماعية للمرض، وإدارة الضغوط المنعكسة عليهم كشركاء حياة لمرضى الصدفية، والقيام بأبحاث تتبنى تصميم واختبار فاعلية برامج إرشادية موجهة لمرضى الصدفية ممن يعانون من انخفاض في جودة حياتهم وما يصاحب ذلك من أعراض نفسية بما يتفق وشدة المرض، ودرجة تأثيره السلبي في جوانب حياتهم المختلفة. كما أوصى الفريق بإجراء دراسات بحثية لقياس جودة الحياة لدى ذوي الأمراض الجلدية الأخرى كالثعلبة والبهاق والأكزيما وغيرها، ما يساعد المخططين للخدمات الصحية والنفسية والاجتماعية في وضع البرامج والتدخلات المناسبة لتعزيز مستويات جودة الحياة لدى هذه الفئات.