هناك نوع من الرجالِ يهوى التحدي، ويحب مغالبة الصعاب، ولا يمر بمكان إلا ترك أثره فيه. وأحسب – ولا أزكي على الله أحدا – أن معالي الأستاذ الدكتور أسامة طيب من هذا الصنف من الرجالِ. لقد عملت تحت قيادة معاليه سنين عددا أستاذا في قسم الإحصاء بكلية العلوم، ولمست كما لمس زملائي حجم النشاط وكثافة الروح التي بثها في الجامعة، وحين طلبت التقاعد المبكر، نظر في ملفي وشهاداتي، فلم يوقع بالموافقة، وطلب لقائي، ولما جئته قال لي: عد إلى تدريسك وعملك. لم يكن معاليه طارئا على العمل القيادي، فقد تقلب فيه سنوات طويلة، بدأ مديرا لإدارة كلية الطب، ثم مديرا لمركز الملك فهد للبحوث الطبية، ثم وكيلا لكلية الطب للدراسات العليا، ثم عميدا لكلية الطب، ثم وكيلا للجامعة لأكثر من فترة، ثم مديرا عاما لمستشفى بخش، ثم مديرا لجامعة الملك عبدالعزيز لثلاث فترات متوالية. وخلال إدارته للجامعة زاد عدد الكليات من 15 إلى 40، وتم اعتماد 80 برنامجا، وتأسست شركة وادي جدة، وأنشئ الوقف العلمي، وحصل المستشفى الجامعي على الاعتماد الكندي والأمريكي، ووضع حجر الأساس لجامعة جدة، إلى غير ذلك من منجزات كبيرة. ولعله يزداد عجبك حين تدرك أن معاليه في ذات الوقت الذي كان فيه يرقى بجامعة الملك عبدالعزيز كان مكلفا بإدارة 3 جامعات: جامعة طيبة، وجامعة تبوك، وجامعة الحدود الشمالية ! ولعل من أبرز سماته التي أعانته على احتمالِ هذا العبء الضخم بنجاح ضبطه الإداري، وصرامته وحزمه. إضافة إلى معرفته بالرجال، وحسن اختيار الكفاءات التي تعمل معه، وحسبك مثالا وكيل الجامعة الدكتور عبدالرحمن اليوبي الذي بات اليوم مديرا مكلفا لجامعتي: الملك عبدالعزيز وجدة، وهو أحد أبرز وأنبه رجالات معالي الدكتور أسامة، وعلى يده تحققت كثير من أفكار معاليه ومشاريعه. وأجزم أنه في المستقبل القريب سيضع بصمته الخاصة على هذه الجامعة العريقة. إنني أكتب في الصحف السعودية منذ سنوات عديدة، وكنت طوال مدة عملي في جامعة الملك عبدالعزيز أكتب هنا وهناك، ولكنني لم أقل كلمة واحدة تعبر عما في قلبي من تقدير لمعاليه، واعتزاز بالعمل معه، أما وقد ترجل اليوم وسلم الأمانة، وانقطعت أسباب المصالح، فحق علي أن أقول له: جزاك الله عنا وعن جامعة الملك عبدالعزيز خيرا، وحق علي أن أقول للناس: لقد كان د.أسامة نموذجا جميلا للقيادي الوطني المخلص لبلاده وولاة أمره.