أخيرا استطاع الرئيس عبد ربه منصور هادي الفرار من معتقله الحوثي والوصول إلى عدن ليعلن منها بقاءه كرئيس شرعي لليمن، في سيناريو درامي لم يحدث من قبل رغم العجائب والغرائب التي حدثت في عالمنا العربي. اعتقال رئيس جمهورية ووضعه تحت الإقامة الجبرية من قبل جماعة متمردة خارجة على القانون تمارس إرهابا منظما ضد الدولة والشعب لم يكن ليحدث لولا التسهيلات التي قدمتها الأممالمتحدة راعية الأمن والسلام والحفاظ على الشرعيات، عبر مندوبها جمال بن عمر الذي ذهب إلى معقل الحوثيين في صعدة وجهز معهم مؤامرة اجتياح صنعاء وعدد من المحافظات والسيطرة على مؤسسات الدولة، وإشاعة الفوضى وتحويل اليمن إلى إحدى جمهوريات الموز التي تديرها العصابات. المؤكد أن خروج هادي من معتقله ووصوله إلى عدن والإعلان الفوري لعدد كبير من الكوادر السياسية الوطنية التضامن معه كرئيس شرعي مسألة غير مريحة لمخططي القذف باليمن إلى الهاوية، سواء في نيويوركالأممالمتحدة ومجلس الأمن أو واشنطن البيت الأبيض أو طهران الداعمة عسكريا ولوجستيا للجماعة الحوثية، لكنه بالتأكيد خبر جيد للحريصين على سلامة اليمن وإنقاذه من مخطط الفوضى وإشعال بؤرة حريق في محيطه. لكن السؤال المهم هل يبقى الرئيس في عدن طويلا لإدارة معركة استعادة شرعيته وإزاحة الحوثيين من السلطة التي اغتصبوها؟. بالتأكيد هو مضطر للبقاء في عدن الآن لأن وجوده في صنعاء يهدده بما هو أسوأ من الاعتقال، ولكن لو طال بقاؤه هناك فإن في الأمر خطورة شديدة لأنه سيمهد لانقسام اليمن، فالحوثيون قد يغيرون خطتهم الاستراتيجية للاكتفاء بالشمال وعاصمته التاريخية وبقية المحافظات والموانئ والمواقع الاستراتيجية التي وضعوا أيديهم عليها ويشرعون في تقوية وجودهم وترتيب بقائهم على هذا الأساس، بينما استمرار الرئيس هادي في عدن قد يمهد لتصعيد الخلاف بين الفعاليات السياسية الجنوبية والسلطة المركزية التي يمثلها هادي حول مسائل قديمة وجديدة، وعلى أفضل الافتراضات فإن الأمر برمته قد يؤسس لواقع جيوسياسي جديد في تاريخ اليمن، لن يكون في صالحه. ومن أجل ذلك لا بد من تكثيف كل الجهود للحريصين على اليمن لإعادة السلطة إلى مركزها وتسليمها للإدارة الشرعية وضمان استمرار العملية السياسية واستعادة الدولة المسلوبة وقطع الطريق على كل محاولات إسقاط اليمن وتسليمه لمزيد من الفوضى والانهيار.