كتبت عدة مقالات عن ما حدث في طريق الملك بجدة، وما سماه البعض التقطيع والتجزئة وفصل غرب الشارع عن شرقه. الشارع كان على ما يرام ويفصل غربه الشوارع التي تمتد للبحر عن شرقه القادمة من معظم أحياء جدة، وبتقاطعات وإشارات اعتاد الناس عليها ولم تكن تشكل عقبة في انسيابية طريق الملك الهام. ولو بدأنا من الجنوب كان هناك تقاطع طريق الملك (أو يمكن أن يسمى في تلك المنطقة بشارع الأندلس) مع شارع فلسطين، ليأتي بعده تقاطع شارع التحلية مع طريق الملك، والذي لم يكن كاملا، أي بأربع إشارات مرورية، ثم تقاطع شارع صاري مع طريق الملك والذي نستطيع أن نسميه المصب الأول لجميع أحياء جدة إلى الكورنيش ومن جميع الأحياء الواقعة شرق طريق الملك وحتى الخط السريع، ثم التقاطع الأهم وهو تقاطع طريق الملك مع شارع حراء، وهذا لمن لا يعلم أصبح المصب الأكبر لجميع أهالي وسكان جدة إلى الكورنيش ويثبت ذلك الزحام الذي قد يمتد من دوار التاريخ في شارع حراء إلى طريق الملك باتجاه الغرب. جميع هذه التقاطعات والإشارات التي كانت موجودة قررت الأمانة إلغاءها واستبدالها بما يسمى (يوتيرنات). وكانت بداية تجربة تنفيذ هذا الإلغاء في رمضان عام 1434 هجرية. وحينها لم تكن عدد (اليوتيرنات) مكتملة وظهرت بوضوح معاناة الناس مع هذا الاجتهاد غير المحسوب، حيث كانت سيارات المرور تقف في كل (يوتيرن) ومن كل اتجاه لتسهيل مرور الناس من خلالها، ورغم هذا التواجد إلا أن السيارات قد تمتد لمسافات تتجاوز مئات الأمتار حتى تجد فرصة للرجوع باتجاه الجنوب أو العكس في طريق الملك الحيوي الذي لا غنى للناس عنه، فهو وإن كان بإشارات عددها في حدود الأربع تقريبا، إلا أنه البديل لزحام طريق المدينة وكذلك شارع الأمير سلطان لمن يرغب الاتجاه شمال أو شمال غرب جدة. إلغاء الأمانة لإشارات وتقاطعات طريق الملك كان من مبدأ أن السائق يفضل السير ثلاث أو أربع دقائق إضافية على أن يقف في إشارة مرور، إلا أن هذا الإلغاء مع ضيق مناطق (اليوتيرنات) وعددها المحدود وأيضا لعدم وجود (كباري) للمشاة، تسبب في حوادث دهس كثيرة، وبالذات في منطقة جنوب شارع حراء والإحصائيات موجودة لدى إدارة المرور وتثبت ذلك. الخطأ واضح ولا يحتاج أكثر من مشاهدة عادية لطريق الملك، وتحديدا في المنطقة الواقعة بين شارع حراء شمالا وحتى ميدان الكرة الأرضية، وخلالها سيلمس المشاهد أزمة يومية يعيشها الناس صباحا ومساء، وتتجلى هذه الأزمة في أوقات الذروة وأيام الإجازات. سير المركبات في طريق الملك لوقت قريب كان ممتعا، إلا أن الاجتهاد بإغلاق تقاطعاته وإشاراته المرورية جعل السير فيه مرهقا وخطرا، وليت الأمانة وجهات أخرى تعيد النظر في هذا الاجتهاد الفاشل عمليا، والذي كان يمكن أن يكون أكثر جدية باستحداث أنفاق و(كباري) مكان هذه الإشارات والتقاطعات التي ألغيت، وليت هذا ما حدث.