وكانت فرصة لقريش بعد مصرع عتبة وشيبة والوليد بن ربيعة في المبارزة مع حمزة عم النبي وعلي ابن عمه وعبيدة ابن عمه، أن تطلب السلام، لكن الصفين شب بينهما القتال. ونظر عبدالرحمن بن عوف إلى يمينه ويساره فرأى غلامين أنصاريين فتمنى لو كان بين أقوى منهما، قال فغمزني أحدهما وقال : يا عم هل تعرف أبا جهل ؟ قلت : نعم. ما حاجتك إليه يا بن أخي ؟ قال: أخبرت أنه يسب رسول الله صلى الله عليه وسلم والذي نفسي بيده لا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا، فغمزني الآخر وقال لي مثل صاحبه، فلما رأيت أبا جهل يجول في الناس فقلت: ألا إن هذا صاحبكما الذي سألتماني عنه. فما أسرع ما ركضا إليه وضرباه بسيفيهما حتى قتلاه. والغريب في هذه الغزوة العظيمة هو تمكن النعاس من المسلمين. قال تعالى في سورة الأنفال : { إذ يغشيكم النعاس أمنة منه وينزل عليكم من السماء ماء ليطهركم به ويذهب عنكم رجز الشيطان وليربط على قلوبكم ويثبت به الأقدام }. وقال الإمام علي كرم الله وجهه إنه وسط الحرب ذهب ليرى ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فوجده ساجدا يتضرع إلى ربه ويقول : يا حي يا قيوم. وروى صحابي آخر : أنه عليه الصلاة والسلام خرج من عريشه وأخذ حفنة من تراب ورمى حفنة التراب في وجوه المشركين، ثم تلا الآية {سيهزم الجمع ويولون الدبر }. وأسر عبد الرحمن بن عوف أمية بن خلف وابنه، ومر بلال فرآه فصاح: أمية بن خلف لا نجوت إن نجا.. فقال عبد الرحمن بن عوف: أسيري. فصاح بلال: يا أنصار الله هذا أمية بن خلف رأس الكفر. وتجمع المسلمون حوله بأسيافهم وضربوه حتى قتلوه. فقال عبد الرحمن بن عوف: غفر الله لبلال فجعني في أسيري. فقد كان أمية بن خلف هو الذي يعذب بلالا. وكان أول من فر من المشركين خالد بن الأعلم وهو من قبيلة خزاعة المتحالفة مع قريش وهو القائل: ولسنا على الأعقاب تدمى كلومنا ولكن على أقدامنا تقطر الدما فلما جد الجد ولى هاربا لقد كان المسلمون ثلث جيش المشركين، ولكن الله أيدهم بجنود من الملائكة.. مع خلاف فقهي هل قاتلت الملائكة أم أنها نزلت لتثبيت المسلمين فقط ؟.. وما النصر إلا من عند الله إن الله عزيز حكيم. السطر الأخير : قالوا: غزوت ورسل الله ما بعِثوا بقتلِ نفسٍ ولا جاؤوا بسفك دمِ جهل وتضليل وسفسطة فتحت بالسيفِ بعد الفتح بالقلمِ